- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

قمة كامب ديفيد لمواجهة الصين

برس نت (وكالات)

تستضيف الولايات المتحدة الأميركية يوم الجمعة ١٨ آب/أغسطس قمة ثلاثية في  كامب ديفيد هي الأولى من نوعها وتجمع كلّاً من الرئيس الأميركي جو بايدن، ورئيس كوريا الجنوبية يون وسوك يول، ورئيس الوزراء الياباني فوميو كيشيدا.

الهدف المعلن لهذه القمة هو العمل على تعزيز التعاون العسكري والتدريبات المشتركة بين الدول الثلاث “لمواجهة تهديدات الصين وكوريا الشمالية والحفاظ على حرية الملاحة في المحيطين الهادئ والهندي مفتوحة وآمنة”.

أهمية اللقاء حضور كل من كوريا الجنوبية واليابان وقد اتسمت علاقاتهما بالتوتر والمواجهة في السنوات الأخيرة إضافةالتاريخ المثقل إذ خضعت شبه الجزيرة الكورية لاحتلال ياباني عنيف منذ عام 1910 إلى عام 1945.

تأتي القمة وسط توترات كبيرة يشهدها العالم في أوروبا وترتد بشكل مباشر، على منطقة بحر الصين الجنوبي على وجه التحديد. لكل دولة من الدول الثلاث أولوياتها، لكنها تتقاطع جميعاً في أنها تعتبر أن الصين وبشكل أقل كوريا الشمالية تشكلان خطراً مفترضاً، ووجوب التعاون والتنسيق والعمل على إضعافهما.

الولايات المتحدة من جهتها كانت قد وضعت استراتيجية “احتواء الصين” هدفاً معلناً لها منذ تغيير الرئيس أوباما استراتيجية الولايات المتحدة بشكل حاسم، وعملت على تنفيذ هذا التوجه طوال السنوات الماضية، خلال ولايتي كل من ترامب وبايدن.

وبعد الحرب الأوكرانية، زادت المخاوف الأميركية والغربية من الصين التي اتخذت موقفاً منحازاً من الحرب، بل إنها تؤيد موسكو وفقاً للرؤية الغربية.

وعملت اشنطن على نسج طوق من التحالفات الأمنية والعسكرية في منطقة محيط الصين، وسعت إلى تأجيج الصراعات بين الصين وباقي دول المنطقة، فأنشأت تحالف أوكوس (AUKUS)  الذي ضم كلاً من أستراليا والولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا، الذي يمكن أن يقود إلى تزويد الولايات المتحدة الأميركية أستراليا بغواصات نووية متطورة.

وضمن جهدها لاحتواء الصين، عقدت الولايات المتحدة تحالف كواد الرباعي مع كل من الهند واليابان وأستراليا، ليكون نواة لتحالف أوسع<

في هذا السياق رضعت اليابان استراتيجية عسكرية جديدة هدفها المعلن مواجهة التهديدات الصينية والكورية الشمالية في المنطقة.

اليابان مهمة للولايات المتحدة، إذ يوجد فيها أكثر من ٤٦ ألف عسكري أميركي موزعين على ١٠٨ قاعدة عسكرية، كما أن قيادة الأسطول السابع الأميركي موجودة في اليابان، وهو ما يعني أن أي معركة تقوم بين الولايات المتحدة وإحدى دول المنطقة ستدار من غرفة عمليات القوات الأميركية في اليابان.

وخلال قمة الناتو الأخيرة، لم تستطع الولايات المتحدة فرض رأيها ورغبتها في إقامة تحالفات بين الناتو وبعض الدول الآسيوية، إذ تفضل العديد من دول الناتو (وخصوصاً فرنسا وألمانيا) الابتعاد عن التحالفات مع دول منطقة بحر الصين الجنوبي، رغبةً منها في عدم استفزاز بكين،

أما كوريا الجنوبية، التي تضم نحو ٤٠  ألف عسكري أميركي، فيبدو أنَّ مخاوفها الأمنية آخذة في الازدياد في ظل التجارب النووية التي تجريها جارتها الشمالية. كوريا الجنوبية كانت تحت حماية المظلة النووية الأميركية حتى العام 1991، حين سحبت أميركا أسلحتها النووية بعد نهاية الحرب الباردة وتفكّك الاتحاد السوفياتي.

احتواء الصين لا يمكن أن يتم إلا بعزلها عن موسكو، وهو ما فشلت الولايات المتحدة في تحقيقه حتى الآن، بل إنها، وعلى العكس من ذلك، دفعت البلدين إلى المزيد من التعاون والتنسيق بينهما لمواجهة «عدوهما المشترك» (الولايات المتحدة والمعسكر الغربي).

يبدو أنَّ البحث عن فرص دبلوماسية لإيجاد حل للأزمات الدولية بالطرق السلمية لم يعد مطروحاً على أجندات الدول الكبرى، التي تسعى لصياغة نظام دولي جديد يعكس تموضع القوى الفعلية على الساحة الدولية في وقتنا الحاضر.

إن قمة كامب ديفيد المنتظرة سوف تطوي خلافاً تاريخياً استمر لعقود طويلة، على خلفية احتلال اليابان لكوريا الجنوبية لمدة 35 عاماً. ويبدو أن اختيار منتجع كامب ديفيد لعقد هذا الاجتماع جاء نظراً إلى ما يحمله من أهمية رمزية في عقد أول اتفاقية لـ”السلام” بين مصر والكيان الصهيوني.