- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

ضرورة الانتقال لـ “المرحلة الثالثة” من الحرب (صحافة اسرائيلية)

بقلم: عاموس يدلين*

تكثر مؤخراً المنشورات عن استعدادات الجيش الإسرائيلي للمرحلة التالية من الحرب في غزة، المرحلة الثالثة التي أساسها الانتقال من مناورة برية قوية الى معركة اكثر تركيزا. وحسب ما يلوح في الأفق، فالحديث يدور عن تقليص ذي مغزى للقوات في غزة، عن هجمات متوالية ضد اهداف حماس من فوق الأرض وتحتها، وعن اقتحامات واسعة وقصيرة لمراكز ثقل المنظمة وقيادتها. إضافة الى ذلك، ستفرض بالنار منطقة فصل عميقة تزيل التهديد البري المباشر عن بلدات الغلاف، بالتوازي مع جهد مشترك مع مصر لاغلاق انفاق التهريب في محور فيلادلفيا. كما ستتواصل المعركة ضد حماس خارج غزة بهدف ضرب زعمائها ومصادر تمويلها وتسليحها.

المرحلة الثالثة هي عملياً حرب تآكل فاعلة، في الطريق الى تحقيق اهداف الحرب – إبادة القدرات العسكرية والسلطوية لحماس، كما تفيد التجربة الإسرائيلية في يهودا والسامرة حيث تطلب سنوات تفكيك البنى التحتية الإرهابية بعد حملة «السور الواقي» وكذا التجربة العالمية في الحرب ضد داعش في العراق وفي سورية: عندما نأتي لتجفيف مستنقع الإرهاب لا توجد ضربة واحدة وانتهينا. وبالتالي فإن تصريحات السياسيين عن «الحرب حتى تصفية حماس» من شأنها أن تضلل، طالما شخصنا «الحرب» مع قوتها الحالية. ان هدف هزيمة حماس وتفكيكها سيستغرق أشهرا طويلة، ان لم يكن سنوات، والخطوة البرية الجارية الآن تضع أساساً حرجاً لمواصلة المعركة.

إن الانتقال الى المرحلة الثالثة سيوفر لإسرائيل فضائل. لكنه سيطرح عليها تحديات أيضاً. فانسحاب معظم القوات من غزة سيقلص خطر المراوحة المتواصلة، ولا يقل أهمية الإمكانية الكامنة للتورط والانجرار لاحتلال دائم للقطاع مع أخذ المسؤوليات عن السكان على عاتق إسرائيل. ان تسريح معظم جنود الاحتياط سيقلص بشكل دراماتيكي كلفة القتال الهائلة بشكل يسمح للاقتصاد ولقطاعات حيوية العودة لأداء مهامها وإعادة تحريك الاقتصاد. فالترميم العاجل للاقتصاد حيوي لقدرة إسرائيل على ترميم بلدات الغلاف والاستعداد للتحديات الأخرى التي على اعتابها، المهمة والمعقدة بقدر لا يقل عن تفكيك حماس: إزالة تهديد حزب الله على بلدات الشمال وإعادة السكان الى بيوتهم، معالجة سد الطرق البحرية من البحر الأحمر الى إسرائيل من قبل الحوثيين والتقدم في الصراع ضد البرنامج النووي الايراني بخاصة على خلفية بيان امس للوكالة الدولية للطاقة الذرية في أن هذه عادت لترفع الوتيرة التي تخصب فيها اليورانيوم. إضافة الى ذلك، فإن الانتقال الى المرحلة الثالثة كفيل بأن يسمح لإسرائيل بالانشغال في تصميم الواقع المستقبلي في غزة، المسألة العاجلة التي تتأخر عقب تعلق رئيس الوزراء بالجناح اليميني المتطرف في حكومته. لبناء بديل لحكم حماس في القطاع، بالتوازي مع الضربة المادية لها، مطلوب فعل سياسي بدونه الإنجازات العسكرية على الأرض من شأنها أن تضيع هباء منثوراً.

في واشنطن وفي العالم يفهمون بأن إسرائيل لن تعود الى الواقع ما قبل 7 أكتوبر، وان الحرب في غزة لن تتوقف بل ستغير شكلها فقط. ولا يزال، في الوقت الذي تكون فيه الخطوة البرية في ذروتها، مطلوب تنسيق توقعات مع الولايات المتحدة على التتمة، لأنه في كل ما يتعلق بالمرحلة الثالثة يفترض الاميركيون معركة مركزة (من الجو أساساً) واقتحامات صغيرة النطاق، بما في ذلك ربما انسحاب كل القوات من غزة. بالتوازي، فان إسرائيل ملزمة بان تقلب كل حجر لأجل التقدم في الهدف الأعلى لتحرير المخطوفين. مع الانتقال الى المرحلة الثالثة، فان السنوار كفيل بأن يخطئ ويعتقد بان إسرائيل ضعفت. واجبنا ان نثبت له بأنه مخطئ مرة أخرى: لن يكون وقف نار دائم، مثلما يطالب، وإسرائيل ستواصل بتصميم وعلى مدى زمن غير محدود ضرب حماس، الزمن لا يلعب لصالحه ومن الصواب له ان يصل الى صفقة مخطوفين في أقرب وقت ممكن.

وأخيراً، الانتقال الى المرحلة التالية، الأكثر تركيزاً سيسمح لإسرائيل بإعادة إطلاق «اليوم التالي» في الساحة الداخلية أيضا، والبدء بالتحقيقات العسكرية – الضرورية أيضا لمواصلة القتال – وإجراء حساب نفس جماهيري. ان تغيير الحكومة هو فوق كل شيء موضوع امني، لأن الحكومة التي تتحمل المسؤولية العليا عن القصور الأعظم في تاريخ الدولة ستكون بشكل محتم مصابة باعتبارات سياسية غريبة. هذه ليست سياسة بل حاجة وجودية.

 

عن «يديعوت احرونوت»

ــــــــــــــــــــــــــــــ

*لواء احتياط رئيس شعبة الاستخبارات الأسبق، رئيس ومؤسس Mind Israel