بسّام الطيارة
جو بايدن أقوى رجل في العالم رئيس الولايات المتحدة الأميركية ، لم يتمكن من منع العملية التدميرية الجارية في رفح من قبل حليف لصيق يحارب بواسطة أموال وأسلحة أميركية.
وقد انتظر بايدن سبعة أشهر وصور المذبحة تغزو مواقع التواصل الاجتماعية وصحافة العالم، قبل أن «يرفع صوته» برفق هاتفياً أمام بنيامين نتنياهو… الذي لم يستمع له لمعرفته بنقطة ضعف هذا الرئيس: حبه لاسرائيل وكونه يعتبر نفسه «صهيونياً».
ويعرف أيضاً أن ولائه لإسرائيل يرتكز على تجربة شخصية عمرها أكثر من نصف قرن.
ولد جو بايدن عام ١٩٤٢ في ولاية بنسلفانيا، ونشأ على يد والدين الكاثوليكيين يكنان احترام عميق لدولة إسرائيل من ناحية دينية.
دخل عالم السياسة وانتخب عضواً في مجلس الشيوخ عن ولاية ديلاوير وهو في الثلاثين من عمره.
مباشرة بعد انتخابه قرر السفر إلى الشرق الأوسط. فتوجه إلى مصر وإسرائيل في آب/أغسطس ١٩٧٣ في أول رحلة له إلى الخارج كعضو في البرلمان.
ويروى أنه استقبل ببرودة في مصر السادات من قبل مسؤولين من الدرجة الثانية. في حين أن رئيسة الحكومة الإسرائيلية غولدا مائير استقبلته بحفاوة كبرى فهي كانت تجيد اللغة الإنكليزية بطلاقة مطلقة تعود لسنوات عديدة قضتها في الولايات المتحدة للدراسة والعمل الديبلوماسي، عرفت كيف «تلاقيه».
وروى بايدن في كثير من لقاءاته الصحفية عن كشف مائير لسلاح إسرائيل السري، حيث لخصته له بكلمات بسيطة «ليس لدينا -نحن اليهود- مكان آخر نذهب إليه»، وأقنعته بأن «الوطن الفلسطيني» لا وجود له مثل «الشعب الفلسطيني». ويقول إنها أقنعته بأنه لا وجود لما يسمى فلسطينيين، قائلة «من البحر إلى النهر كان يوجد شعوب تسكن مثلي أنا …إذا كان هؤلاء فلسطينيون فأنا فلسطينية».
عاد السيناتور الشاب بايدن متحمساً للغاية بعد زيارة إسرائيل لدرجة أنه بدأ يعلن عن نفسه «صهيونياً»، والتزم بهذا التصريح القوي ،كرره مراراً وتكراراً علناً في الصحافة وفي لقاءاته مع ناخبيه. وفي كل مرة كان يؤكد أنه ليس من الضروري أن تكون يهودياً لتكون صهيونيا!
وطوال وجوده على الساحة السياسية الأميركية دعم كل حروب اسرائيل
في حزيران/يونيو ١٩٨٢، دعم حكومة مناحيم بيغن عندما غزت لبنان، ولم يعر أي اهتمام لسقوط العديد من الضحايا المدنيين. ومثل ما حصل في غزة تلفظ بنفس الكلمات حول تذكير جميع الأطراف المتحاربة بالحفاظ على النساء والأطفال.
ويعتبر بايدن منذ ولوجه المضمار السياسي، أن المساعدات الأميركية الهائلة للدولة العبرية «…هي أفضل استثمار قمنا به على الإطلاق…. لو لم تكن هناك إسرائيل لكان من الضروري إيجاد اسرائيل!»
صوَّت السيناتور بايدن (الديموقراطي) في تشرين الأول/أكتوبر ١٩٩٥ لصالح قانون يدعو إلى نقل سفارة الولايات المتحدة في إسرائيل من تل ابيب إلى القدس، وهذه الخطوة نسفت عملية السلام الإسرائيلية الفلسطينية الجارية آنذاك. وقد أحرجت كلينتون (الديموقراطي) وكذلك ورئيس الوزراء الإسرائيلي إسحاق رابين، اللذين اغتيل بعد فترة وجيزة على يد متطرف يهودي.
وعندما دخل بايدن البيت الأبيض عام 2021، رفض إعادة النظر في عملية النقل التي نفذها دونالد ترامب عام ٢٠١٨، ورفض إعادة فتح القنصلية الأميركية في القدس الشرقية، التي كانت حتى ذلك الحين بمثابة التمثيل الأمريكي لدى الفلسطينيين لبناء «حلم» دولتين.
«حب بايدن» لاسرائيل جعله يقع في أخطاء جسيمة تعود لثقته العمياء بكل ما يصدر عن اسرائيل فهو روج لأخبار مزيفة بعد ٧ ت١/أوكتوبر مثل ذبح أطفال في أثناء الهجوم وقطع رؤوسهم، وهو سرعان ما عاد وتراجع عن هذا التأكيد بعد أن نبهته إدارته إلى زيف هذه الادعاءات.
في الواقع هذا الاقتناع يعود أيضاً إلى أول لقاء مع غولدا مائير فهي قالت له إنها «… لا تستطيع أن تسامح الفلسطينيين …لقتلهم أطفال» وهو ما كانت تروج له الدعاية حول العرب بشكل عام والفلسطينيين بشكل خاص…
في هذه الظروف لا يجب التساؤل عن اختيار الديمقراطيين الأمريكيين لجو بايدن الثمانيني على دونالد ترامب، الذي يصغره بأربع سنوات فقط، فالثاني معروف عنه تأييده لاسرائيل، ولكن «حب اسرائيل» متأصل لدى بايدن وهو يظهره كل ساعة منذ سبعة أشهر. زلات لسانه مثل «الخلط بين رفح وحيفا» لا تهم بقدر ما يهم الحزب الديموقراطي الانتصار على ترامب.
فقط الطلبة في اميركا يستطيعون قلب طاولة حسابات الطاقم الديموقراطي.