في ميلان، لا يوجد أشهر من صورته بينما يدخن الشيشة مع نجوم فريقه، كونهم في معسكر إعدادي وما زال الموسم لم يبدأ بعد، ولا مانع من بعض الأُنس.
في باريس، جمعه عشاء بلاعبيه، وقبل أن يغادر، أخبر تياجو موتا أن يدع اللاعبين يفعلون ما يحلو لهم في السهرة، ولكن ذكرهم بضرورة الفوز بنتيجة كبيرة في المباراة القادمة، وهو ما حدث بالفعل؛ إذ أكملوا سهرتهم، وفازوا بخماسية.
وفي مدريد، جلس مع مارسيلو ذات مرة في عشاء جمعهما، وبدأ يتحدث معه عن أسباب انخفاض الرغبة لديه، وزيادة وزنه بشكل ملحوظ، ليعود بعدها ويتخلص من الوزن الزائد، ويستعيد مكانه في التشكيل الأساسي.
وفي ميونخ، قرر استبدال فرانك ريبيري، فغادر الفرنسي الملعب غاضبًا، ليصالحه مدربه بقبلة وعناق، فلا يستطيع اللاعب الغاضب سوى أن يبتسم، ويبادله العناق.
حين تدرب معه بيكهام، تحدث عن دخوله مقر التدريبات بطائرته الهيليكوبتر، واعتياده سؤال اللاعبين عن أحوالهم، وأين قضوا يومهم أمس، وتبادل الحديث الودي وكأنهم في رحلة، وليس حصة تدريبية من المفترض أن تكون مليئة بالحديث عن الخطط.
وحين تحدث عنه فيدي فالفيردي، قال إنه يحبه، كشخص، لأنه يسأل عنه وعن عائلته باستمرار، ويهتم بالاطمئنان على حياته وأسرته، أكثر من الحديث في الأمور التي تخص كرة القدم.
أنشيلوتي فيلسوف، ليس في كرة القدم، بل في الحياة، يمتلك شفرة تدعى فن الإدارة، وعبقرية أن تُدير، دون أن تذكر من حولك بأنك المدير. هو إنسان، يدرك أن صديقه الإنسان يحتاج لمساحته، وللثقة، ليقدم أفضل ما عنده، وأن اللاعب سيلعب أفضل حين يشعر بالألفة ليس أكثر.
أنشيلوتي هو مديرك الذي يتعامل معك كورقة رابحة، حيث لن يهتم بموعد البصمة، ولا ديباجة رسائل البريد الإلكتروني، لن يدعوك لاجتماع عاجل كل يوم اثنين لمناقشة ما ناقشناه يوم الإثنين الماضي، لن يهددك بالخصومات، لن يحدثك بعبارات معبأة ومكررة عن قيمة المؤسسة التي تعمل تحت كنفها، وكونك جرثومة بدونها، سيتجنب كل ما يعكّر مزاجك، إيمانًا منه أنك يجب أن تكون في أفضل حال، حتى تمنحه أفضل أداء.
المدير الذي يفهم الحياة كما فهمها كارلو، يفوز، في ملعب كرة القدم وخارجه، عليك أن تمنح موظفيك أو لاعبيك الثقة، وأن تؤمن بقدراتهم، وأن تنسى كونك مديرًا لتنشئ علاقة إنسانية معهم، وألا تبحث دومًا عن التعديلات من أجل التعديلات، فقط لأنك مدير، ووضعك يسمح لك، ويمكنك أن تضع الخطة وأن تقول “يلا” وفقًا للصلاحيات التي تمنحها لك العقود المُبرمة.
لماذا؟ لأن الحياة بسيطة، أبسط مما نتخيلها بكثير، لدرجة أنه يمكننا الاتفاق على مساحة من عدم الالتزام، طالما سنعود في الوقت المناسب، وتقبل فكرة أنه ربما يكون مش النهاردة، لأنه مش لازم نغير العالم النهاردة، فقط كونها “عادي مش طالبة” ودون الاهتمام بالبحث عن أعذار واهية!