- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

“حادثة” رفح تعمّق حُفرة إسرائيل (يديعوت أحرونوت)

بقلم: ناحوم برنياع*

خلل مأساوي”، هكذا دعا نتنياهو موت نحو 40 مواطناً بالنار التي نشبت في أعقاب قصف الجيش الإسرائيلي.

من ناحية فنية هو محق: وقع خلل نتائجه مأساوية. من ناحية جوهرية هو مخطئ: كل من له عينان في رأسه كان يعرف أن هذا الخلل سيأتي.

هكذا أيضاً بالنسبة لتبادل إطلاق النار مع المصريين وإن كانت الملابسات هناك مختلفة. رفح هي ثقب أسود: المخاطر مؤكدة، المردود مشكوك فيه. القرار بالسير إلى هناك، في هذا الوقت، أمام كل العالم، كان رهاناً محظوراً أخذه.

غير أن الحقائق التي ظهرت في استيضاح الجيش الإسرائيلي صحيحة حتى يوم أمس: الهدف كان تصفية مركزة لمسؤولين كبيرين في قيادة الضفة من حماس.

عثر عليهما في مقرهما، مجموعة من المباني المؤقتة – ليس خياماً – خارج ما حدد كمنطقة إنسانية.

الذخيرة صغرت لأجل عدم المس بغير المشاركين. الجيش لا يعرف أن يقول في هذه المرحلة لماذا اشتعلت النار في الأكواخ المجاورة ولماذا قتل هذا العدد الكبير من المدنيين. يحتمل أنه كانت في المباني ذخيرة تفجرت، يحتمل أن يكون عدد الذين قضوا نحبهم أصغر مما نشر، يحتمل أن تكون المعلومات التي سبقت العملية لم تكن دقيقة والتقدير حول الخطر على حياة المدنيين لم يكن صحيحاً.

كل هذا مهم للتحقيق العسكري، لكن لا أهمية له في الأماكن المهمة حقاً.

في العالم تتراكض صور رهيبة، إحداها صورة لطفل بلا رأس، تدفن تحتها كل التفسيرات المنمقة للناطقين الإسرائيليين.

فرنسا طلبت منذ الآن انعقاداً فورياً لمجلس الأمن. قرار المحكمة في لاهاي أدخل إسرائيل إلى حفرة سياسية ودبلوماسية. الحادثة في رفح عمقت الحفرة أكثر فأكثر. ولا يوجد سلم.

الوضع في الجبهة حيال المصريين أكثر راحة بقليل. يوجد على ما يبدو إجماع بين الطرفين على الملابسات التي أدت إلى موت الشرطي المصري، من المسؤول عنها ولماذا.

حكومة مصر تريد أن تغلق قصة الحادثة بهدوء. لكن لا يوجد أي ضمانة في أنهم في الحادثة التالية لن ينقلبوا على إسرائيل. كل شيء مشحون على طول محور فيلادلفيا. مشحون أيضاً سلاح الجنود في الطرفين.

كابينيت الحرب كله مسؤول عن الخطوة العسكرية في رفح.

صحيح أن نتنياهو دفع باتجاهها، لدوافعه الخاصة. لكن الأمر لا يعفي غالانت، وغانتس وآيزنكوت من المسؤولية.

الثلاثة عرفوا جيداً إلى ماذا يدخلون، وعلى الرغم من ذلك، أيدوا الخطة.

ضابط عبري لا يقول في أي مرة لا بمبادرة عسكرية هجومية. أحياناً هو يقول نعم، لكن، مع تشديد على كلمة “لكن”. لشدة الأسف، هذا لم يحصل هذه المرة.

نتنياهو قال أمس إن “الادعاء بأنه يعارض صفقة مخطوفين هو “كذب مقيت”. والدليل: خمس مرات وسع التفويض لطاقم المفاوضات. أما الحقيقة فهي أكثر بساطة بكثير: شرط السنوار للصفقة هو وقف القتال، شرط نتنياهو للصفقة هو استمرار القتال.

جهود هائلة بذلت في بلورة صيغة ترضي الطرفين: وقف القتال عملياً لكن بكلمات أخرى. الجهود فشلت لأن في نظر الاثنين الشرط أهم من الاتفاق.

عندما يقول اللواء احتياط نيتسان ألون أو يلمح إلى أنه في تركيبة الحكومة الحالية لن تكون صفقة مخطوفين، فإنه يقول الحقيقة. لا غرو في أن نتنياهو يريد استقالته.

الناس يغضبون عندما يقال لهم: “قلنا لكم”. وبالتالي من الأفضل النظر إلى الأمام: من شأن إسرائيل أن تنهي مغامرة رفح بلا خيارات عسكرية، بلا مخطوفين، بلا تسوية في الشمال وبلا صفقة سعودية.

مقاطعة ومكروهة في العالم الذي هي متعلقة به. آمل من كل قلبي أن حالات الخلل في رفح هي الأخيرة، ومن هنا نسير بثقة إلى النصر المطلق. من الصعب علي أن أصدق أن هذه المعجزة ستحصل.

*عن “يديعوت أحرونوت”