- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

اسرائيل تخسر بسبب ” معا سننتصر”

بقلم: ميكي غيتسين عن “هآرتس”

ثمانية شهور داخل الحرب، وعلى اللافتات في الشوارع والفواتير في السوبرماركت والحافلات، ما زالت تظهر الكلمات “معا سننتصر”. هذا الشعور بعث الدفء في تشرين الأول وتشرين الثاني، لكنه الآن يذكر أكثر بمصطلح “هدوء، هم يطلقون”، سيئ الصيت من حرب لبنان الأولى، مصطلح هدف إلى إسكات أي انتقاد لمن يقودون كل الدولة نحو الكارثة.
الوحدة هي شعور عظيم، وجميعنا نعرف مصطلح “بسبب الكراهية الزائدة تم تدمير القدس”. ولكن مع كل الاحترام للمصطلحات التي تم إخراجها عن سياقها فإن المسؤولين عن دمار الهيكل الثاني هم المتعصبون والمتهكمون، الذين لم يفهموا الواقع وحدود القوة، وقاموا بدهورة الشعب اليهودي نحو الهاوية. استغرقنا 2000 سنة كي نتجاوز هذه الأزمة. من يعتقد أننا محصنون من المتهكمين الجدد وأن الدول لا تنهار أو تختفي فإنه ببساطة يتجاهل العنوان على الحائط.
المشكلة التي تواجهها اسرائيل ليست الوحدة أمام التهديد الخارجي. نحن شاهدنا كيف أن المجتمع الإسرائيلي تجند للحرب بعد 7 تشرين الأول، وأن “حماس” مع كل الوحشية المثيرة للاشمئزاز لا تعتبر تهديدا وجوديا. المشكلة تكمن في القوة غير المتكافئة التي توجد في يد مجموعة متطرفة ومتعصبة، التي تجر كل الدولة نحو الكارثة. بسبب هذه المجموعة، الأزمة العسكرية يمكن أن تصبح دمارا. وبناء على ذلك فإن الحل ليس احتضان المسيحانيين والأصوليين في الطريق نحو الأسفل، بل يجب مواجهتهم.
بدلا من الـ”معا سننتصر” المزيف يجب قول أمور واضحة: حركة الاستيطان والكثيرون من ممثليها السياسيين، الذين جاؤوا من الهوامش المتطرفة والأكثر هستيرية، هم قوة مسيحانية وأصولية، تقدس الأرض والدين على حساب الحياة. هم يستخفون بالفرد وحقوقه ورغباته، ويعتقدون أنهم يمثلون حقيقة سامية بشأن هدف كل الأمة. رؤساء المستوطنين يعتبرون الضحايا شرا لا بد منه في الطريق إلى تحقيق هذيانات خطيرة تمت رعايتها في جهاز تعليم، الذي اصبح اكثر متدينا ومتطرفا، على خلفية واقع “الأبرتهايد” العنصري في المناطق.
لا حاجة هنا إلى تفسير جميع الكوارث التي ستتسبب بها خططهم لإسرائيل. فهي تحدث أمام أنظارنا الآن مثل استمرار الحرب، مئات القتلى المحتملين، موت المخطوفين، العزلة الدولية، المجاعة في غزة وفتح جبهات أخرى. هذا فقط الثمن المتوقع. من الواضح أنه يتوقع حدوث تعقيدات أخرى. آفي ايتام اعلن مؤخرا أن الحرب ستستمر لثلاث سنوات أخرى. أنا اسأل، إذا كان آباء الجنود الذين يخدمون في الخدمة النظامية، وكل جنود الاحتياط، وكل عائلات طلاب المدارس الثانوية المرشحين للتجند، فهموا معنى هذه الأقوال والثمن الذي سندفعه جميعنا بسببها.
النوايا الحسنة للوسط، الذي يطمس الخلافات ويبحث عن العامل الموحد، أصبحت وقودا يسرع عملية التدمير. الجواب لا يمكن أن يكون “معا سننتصر”. نحن لا يمكننا احتضان الذين يريدون تصفية اسرائيل التي نعرفها. الجواب يجب أن يكون النضال الديمقراطي ضد القوى الخطرة غير الليبرالية والمسيحانية التي سيطرت على مواقع القوة في قيادة الدولة. بالمناسبة، في الأصل لا يوجد في الطرف الثاني أي شخص يؤمن    بـ”معا” هذه. اليمين المتطرف لم يتوقف للحظة من ملاحقة كل معارضيه، بما في ذلك عائلات المخطوفين. “معا” توجد منذ فترة طويلة لدى طرف واحد فقط.
عدد الذين سقطوا في أوساط المستوطنين كبير، ولا يوجد فرق بين ألم الآباء من عوفرا وألم الآباء من تل أبيب. خلافا للحريديين فإن المستوطنين واليمين المتدين على استعداد للدفع بالدماء من اجل تطبيق أيديولوجيتهم. ولكن هذا لا يجعلهم أكثر عدالة أو أقل خطورة. لا يمكن تبرير جعل اسرائيل دولة مسيحانية، معزولة، تعيش في حرب دائمة مع جيرانها ومع رعايا نظامها العسكري، باسم من سقطوا من المستوطنات. هذا بالضبط هو التوجه التي يجرنا نحوه المتهكمون اليهود.
الأزمة في اسرائيل لم تنته في 8 تشرين الأول. بالعكس، نحن نوجد الآن في فترة اكثر خطورة لأن اليمين المتطرف يعتبر الحرب فرصة لتحقيق أهدافه. لا يمكن مواصلة غض النظر عن هذا الخطر. محظور الإدمان على سم التهدئة للوحدة. إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش هما الآن زعيما اليمين فعليا؛ معهما لا يوجد لمن يحبون الديمقراطية في أوساطنا أي “معا”، ولا يوجد “أولا لننتصر”. زمن المجتمع الإسرائيلي ينفد، هذه هي اللحظة من اجل الاختلاف، هذه هي اللحظة المناسبة للنضال.