بقلم: عيناب شيف
عن “يديعوت أحرونوت”
مثل كل شيء يكرر نفسه دون أي تطور، فإن شكاوى قادة جهاز الأمن ضد رئيس الوزراء بالنسبة لاتفاق إعادة المخطوفين والمخطوفات هو الآخر أصبح طقوساً فارغة من المضمون: فهم يجرون الإحاطات، في وسائل الإعلام ينشرون، العائلات تصدم، الجمهور الغفير يبقى خارج الاحتجاج وبالتالي نتنياهو أيضاً لا يجتهد حقاً للنفي.
من التوبيخات التي وجهها لوزير الدفاع (الذي يعتزم على ما يبدو ركله)، لرئيس الشاباك ورئيس الأركان (اللذين لهما أيضاً توجد مخططات) ولرئيس الموساد (كي لا يشعر بارتياح زائد) يخيل أن نتنياهو فخور حتى بموقفه المتحفز.
وباعتبار ما نعرفه عنه، فليس بلا أساس الافتراض أنه يؤمن تماماً بأن القدر وضعه في موضع وينستون تشرتشل بينما يوآف غالانت، رونين بار، هرتسي هليفي، دادي برنياع وكل الباقين يريدون أن يدخلوا في مفاوضات مع النازيين.
كل هذا يجعل فقط تصفية إسماعيل هنية في قلب طهران لحظة تأسيسية. إذ إنه يسحب الأرضية الأخلاقية من تحت أقدام المنظومة التي تزعم أنها تدفع بكل القوة لوقف النار.
لكن بالتوازي خططت ونفذت (حسب منشورات أجنبية)، عملية منفعتها الوحيدة حالياً هي حمل إسرائيل إلى شفا حرب إقليمية، الجيش فيها مستنزف، تعب، جريح ومعوز مطالب بأن ينتصر.
وهذا حتى قبل الحديث عن إدخال دولة كاملة إلى فزع مطلق فيما أنه لا تتحدث أي جهة رسمية مع الجمهور كأناس راشدين حياتهم في خطر.
في واقع الأمر هذا يمكن أن نفهمه: فالناس الراشدون لا يفترض بهم أن يسمحوا بواقع كهذا على مدى نحو سنة، لكن إسرائيل كما هو معروف فخ 22 – مكان كل تطلع فيه إلى سواء العقل يشهد في واقع الأمر على فقدانه.
بينما محللو الأمن يحتسون بعطش تفاصيل مشعلة للخيال عن التصفية ويتجادلون أكاديمياً فيما إذا كانت تعيق المفاوضات للمدى القصير أو الطويل (المخطوفون والمخطوفات على أي حال يتابعون الموضوع) فإن الواضح هو أن المنظومة نفسها علقت في دوامة: من جهة تحاول أن تقنع أن نتنياهو هو العائق أمام الاتفاق ومن جهة أخرى لا تضرب الأرجل أمام خطوات تدفع حتى رئيس الولايات المتحدة لان يتساءل ما القصة.
من جهة يكررون قصيدة “نتنياهو لا يريد صفقة” ومن جهة أخرى واضح تماماً أنهم شركاء في لعبة “تعليم الاكسات” انطلاقاً مما يبدو كفهم شبه صبياني لـ “ترميم الردع” الذي يبعث على الاشتباه بأنه ترميم للأنا أكثر من أي شيء آخر.
لشدة الأسف – لكن ليس لشدة المفاجأة – وسائل الإعلام تتبنى في معظمها هذا النهج، سواء بإعجاب أمني، شعبوية وطنية أم هذا وتلك.
عندما نرى الأهالي المفزوعين يحاولون أن يشرحوا لأطفالهم لماذا تعطل صيفهم أكثر (ومن المهم الإيضاح: حرب إقليمية معناها أيضاً آثار قاسية)، نفهم كم هي المؤسسة الأمنية ليس فقط يعوزها تفكير استراتيجي بل إنها تسير على الخط تماماً مع نتنياهو ومعظم الكابينيت وحكومته في تجاهل لـ “الحياة نفسها“.
لا عجب، إذاً، في أنه لم يعد هناك حقاً من يشتري بضاعة “نتنياهو لا يريد صفقة”: أولئك الذين صفوا هنية قد يكونون أعفونا من مخرب عظيم آخر، لكنهم أعطوا نتنياهو ذريعة ممتازة لمواصلة السياسة الكدية التي يزعمون أنهم يعارضونها وعلى الطريق إهانتهم في أنهم “منبطحون”. الحقيقة؟ لعله ليس مخطئاً جداً.