- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

نصر الله يتحدث عن “توازن استراتيجي”

بقلم: داني سترينوبتس*

عن “معاريف”

حاول حافظ الأسد، الرئيس السوري الراحل، في عهده أن يحقق “توازنا استراتيجيا” مع اسرائيل. شكّل السلاح الكيميائي الذي انتجته سورية وقدرات صواريخ “أرض ــ أرض” عناصر استراتيجية في هذه الإرادة. من خطاب حسن نصر الله، أمس (أول من امس)، يفهم على ما يبدو أن “محور المقاومة” يعتقد انه وصل إلى مثل هذا التوازن، في ضوء الفهم أنه بخلاف الحروب السابقة، فإنه ليس فقط لا يمكن لإسرائيل أن تدافع عن نفسها بقواها الذاتية بل ونشأت أيضا معادلة متوازنة بين الثمن الذي يدفعه المحور والثمن الذي تدفعه إسرائيل.
يخيل أن هذا التفكير يؤدي بنصر الله إلى الفهم أن من الصواب استخدام هذا التوازن الاستراتيجي لأجل التأكد من ألا تتمكن إسرائيل من هزيمة “المقاومة الفلسطينية”. على نحو يشبه تفكير الولايات المتحدة بالنسبة لفيتنام في عهد الحرب الباردة، في نظر نصر الله إذا ما هزمت “حماس” في القطاع، فإنها ليست سوى مسألة وقت إلى أن يكون كل العالم العربي في خطر من إسرائيل بسبب سياستها المتطرفة بل وحتى المواقع الإسلامية المقدسة.
في ضوء ذلك، ليس بوسع المحور وبالتأكيد نصر الله أن يوقف المعركة في الشمال في الوقت الحالي ومن الصواب استخدام قوة المحور لأجل فرض وقف القتال على إسرائيل.
هذا الفهم خطير للغاية إذ له معنى واحد – لا يمكن ضعضعة الارتباط المصيري الذي خلقه “حزب الله” في 8 أكتوبر بين “حماس” قطاع غزة و”حزب الله” في لبنان، وستكون المنظمة مستعدة لأن تواصل المواجهة مع إسرائيل إلى أن توافق هذه على اتفاق وقف النار في القطاع، الذي سينقذ عمليا “حماس”. وحتى لو غيرت إسرائيل نمط عملها، وطالما لا يكون وقف نار في غزة، فإن النار في الشمال ستستمر.
في ضوء هذا، يضع نصر الله أمام إسرائيل عمليا خيارين: وقف نار في غزة يسمح لـ”حماس” بالنجاة عسكريا وسياسيا، أو استمرار المعركة في الشمال وعدم السماح للمواطنين الإسرائيليين بالعودة إلى بيوتهم. معقول الافتراض بأن هذه الخطوات ستؤدي إلى معركة واسعة في الشمال في ضوء ارتفاع درجة ردود فعل “حزب الله” في الأشهر الأخيرة، والذي يتضمن توزيع مدى نار المنظمة في شمال إسرائيل.
هذا، بالطبع، إذا لم تصل الأطراف إلى معركة فيما بينها في أعقاب رد المنظمة على تصفية فؤاد شكر، والذي من الواضح أنه سيكون مختلفا جوهريا عن كل الأعمال التي قام بها “حزب الله” حتى الآن حيال إسرائيل – سواء بالحجم أم في المدى وربما حتى في نوع السلاح. عاد نصر الله وتعهد برد من هذا النوع وبالتالي، لأجل الحفاظ على ردع المنظمة وفي ضوء الحاجة لأن يضع لإسرائيل خطا احمر في نظره في كل ما يتعلق بالمس بكبار مسؤولي المنظمة، ولا سيما “في القلب النابض” لـ”حزب الله” – الضاحية في بيروت – سيكون ردا شديدا وسيصل دون أي صلة بالضغط الذي يمارس على المنظمة داخليا في لبنان أم خارجيا من جهة دول مختلفة.
في السطر الأخير، توجد الأطراف على شفا تصعيد واسع لكن حتى لو منع هذا، واضح انه دون وقف نار في القطاع لا توجد لـ”حزب الله” أي نية لوقف النار في الشمال، دون صلة بما تفعله إسرائيل. تضمن هذه الحقيقة تصعيدا تقريبا في كل سيناريو مهما كان. من خطاب واضح أن نصر الله واثق أن ليس فقط إسرائيل غير معنية بالحرب بل إن قدرات المنظمة هي في مستوى يجعل إسرائيل تفكر مرتين في سياقات توسيع المعركة، وإذا ما فرضت هذه عليهم – فإن المحور سيتمكن من إسرائيل.

* باحث مختص بالشؤون الإيرانية في معهد بحوث الأمن القومي.