بقلم: ناحوم برنياع
عن «يديعوت»
انتهت حرب «يوم الغفران» بين نتنياهو وغالنت بانتصار تكتيكي لنتنياهو: لم يسافر غالنت الى واشنطن، كما لم يسافر مدير عام وزارة الدفاع، ايال زمير، ورئيس هيئة سلاح الجو، عومر تشلر، ورئيس القسم السياسي الأمني، درور شالوم، الذين كان يفترض أن ينضموا إليه.
حيّدهم نتنياهو بسلاح الجدول الزمني: لن تسافروا، ما كان يمكنهم ان يعودوا الا بعد «يوم الغفران»، وربما، من يدري، كان نتنياهو سيقف وحيدا، هو ورئيس الأركان لصورة تاريخية امام الشاشة حين يبلغ طيارون بأن المهمة انتهت. في الحروب على الحظوة نتنياهو هو الأفضل.
الهجوم على ايران سيكون قريبا. معظم التفاصيل اتفق عليها، باستثناء الحظوة، فالشقاق بين الاثنين يتعلق بموضوع آخر، لا يقل حساسية: من في حكومة إسرائيل يحمل الحقيبة الأميركية. تفضل إدارة بايدن يوآف غالنت. فتغذية وزراء دفاع هي جزء دائم في مداولات الإدارات الأميركية مع حكومات إسرائيل. لإسرائيل طلبات كثيرة من أميركا، ومعظمها في المجال الذي هو من مسؤولية وزير الدفاع: الذخيرة، السلاح، الدفاع الجوي، التنسيق، والمساعدة الاستراتيجية. في كل هذه هو وجهاز الامن كله متعلقون بالنية الطيبة لأميركا. ناهيك عن أنه توجد لديهم مشكلة أساسية مع رئيس الوزراء الحالي؛ فهم لا يصدقونه، ولا يثقون به. من جهة يشتبهون بأنه «المجرم الأسوأ»، من ناحيتهم: مساعدة ترامب في حملة الانتخابات.
يصر نتنياهو على الاحتفاظ بالحقيبة الأميركية في يديه. في نظري، هذا الإصرار محق تماما: هو رئيس الوزراء، وهذه حقيبة يفترض أن تكون له. تكمن المشكلة في الطريقة التي يدير فيها هذه الحقيبة. هو ورسوله الى الإدارة، رون ديرمر، يحرقان النادي.
لا يوجد موضوع في هذه اللحظة ليس لدى نتنياهو فيه ازمة مع الإدارة: لبنان، غزة، المخطوفون، ايران، كلها معا. تشتبه الإدارة بنتنياهو بأنه يخلق عن قصد أجواء ازمة كي يساعد ترامب. المكالمة الهاتفية بينه وبين بايدن كان يمكنه أن يرتبها من خلال حديث مسبق لديرمر مع مستشار الأمن القومي، جيك ساليبان. اما نتنياهو ففضل أن يخلق أزمة، ويجبر بايدن على رفع الهاتف.
من فوق الصورة غير اللطيفة هذه تحوم مسألة ايران بكل ثقلها. ما الذي يسعى نتنياهو ليحققه في ايران. هل إسرائيل قادرة على تدمير منشآت النووي الإيرانية وحدها؟ هل هي قادرة على أن تقف وحيدة في حرب صواريخ مع ايران؟ على فرض أن الجواب على هذين السؤالين سلبي، يبقى السؤال الثالث: هل هو يحاول جر الإدارة الأميركية لحرب لا تريدها مع ايران؟
الاشتباه هو أن نتنياهو سيختار، عن وعي، عملية عسكرية تورط إسرائيل، وعندها لن يكون امام الإدارة غير الدخول الى حرب مع ايران، في توقيت فتاك. هو سيتصرف مثل الحريديم، الذين تجاهلوا كل التحذيرات، وسافروا الى أومان، وعندها قالوا: تورطنا، الآن واجبكم ان تفعلوا كل شيء كي تنقذونا.
في واشنطن يسمعون خطابات نتنياهو بالانجليزية، ويتلقون النبرة المسيحانية، الاستفزازية. «لا توجد الا قوة واحدة في العالم تقاتل ايران»، قال، الأربعاء الماضي، في مؤتمر الرؤساء. «هذه القوة هي إسرائيل. اذا لم نقاتل سنموت. لكن هذه ليست حربنا فقط؛ هذه حرب العالم الحر، العالم المتحضر».
العالم المتحضر؟ من أين هذا التبجح؟ كنت سأسر جدا لو كنا ننجح في اقناع الشعب الإيراني ان يبدل النظام او على سبيل البديل لو كنا نجد سبيلا لتصفية العدوان الإيراني. فحروب العالم المتحضر من الأفضل ابقاؤها للآخرين؛ لكهنة التفوق الأبيض في أميركا، ولرؤساء الأحزاب الفاشية في أوروبا. هم الذين سيرتبون لنا عالما متحضرا بلا سود، بلا ملونين، وبلا يهود. هم جيدون في هذا.
ان الحرب من أجل الحضارة من الأفضل بدؤها من البيت، من استعراضات تالي غوتليف، ودودي إمسلم، وشلومو كرعي، ومن تعابير الكراهية لدى بن غفير وسون هار ميلخ والابن من ميامي، ومن اقصاء النساء، ومن الفشل المتواصل لجهاز التعليم. فجأة نهض رئيس وزراء غير متحضر ظاهراً في الصباح فقرر بأنه هو العالم المتحضر.
