- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

الانتخابات الأميركية: صراع بين الأجيال

 زهران ممداني (ويكيبيديا)

بسّام الطيارة

لم ينتبه المراقبون إلى أن السياسة الأمريكية يحكمها كبار السن، إلى أن ظهر الرئيس السابق جو بايدن متلعثماً وتردد سقوطه على درج الطائرة. رغم هذا فهو ترشح في البداية عن عمر يناهز الـ٨١ لولاية ثانية قبل أن يجبره محيطه على التراجع بعد أن كشف الإعلام أنه مريض بحالة متقدمة. من استلم البيت الأبيض بعده دونالد ترامب سيبلغ سن الثمانين بعد أشهر معدودة.
الأضواء الآن باتت تشير إلى أن المعمرين يشغلون مناصب رئيسية، بدءًا من منصب رئيس الولايات المتحدة. ولكن هذه الانتخابات بدأت تركز على داخل الحزب الديمقراطي، حيث تزايدت حدة الانقسامات إذ تدعم القيادات داخل الحزب دائما كبار السن دون الالتفات إلى تطلعات الشباب، من هنا تمرد شباب الحزب الذي يتخذ شكل حرب أجيال حقيقية. فالحزب يميل دائما إلى إعطاء الأولوية للخبرة عند اختيار مرشحيه.

من الأمثلة الفاضحة لقد توفيت السيناتورة «ديان فينشتاين» عن عمر يناهز الـ ٩١ عاما بعد عدة دورات كان يرشحها الحزب. «تشاك شومر»، الزعيم الديموقراطي في مجلس الشيوخ البالغ من العمر 74 عامًا، رشح «جانيت ميلز»، حاكمة الولاية البالغة من العمر 77 عامًا .
فاجأ هذا الترشيح الأجنحة الشبابية في الحزب الديمقراطي فأصدروا بيانًا يدعم «غراهام بلاتنر»، البالغ من العمر 41 عامًا، وهو شعبوي يساري ومرشح لانتخابات مجلس الشيوخ لعام 2026 منافسا لميلز. ترشح «زهران ممداني»، الاشتراكي هو في سياق هذا الحراك وهذا التحول.

في ولايات ميسوري وفلوريدا ومينيسوتا وتكساس، يسعى مرشحون آخرون يدعمهم جيل الشباب في الحزب إلى كسب زخم مماثل لما يحصل في نيويورك التي هي المثال الأبرز: إذ أن زهران ممداني، البالغ من العمر 34 عامًا، والمرشح الأوفر حظًا في انتخابات رئاسة البلدية، يحظى بدعم جميع المنظمات الشبابية التقدمية تقريبًا في البلاد، بينما لا تزال قيادة الحزب، برئاسة تشاك شومر، مترددة في دعمه، على الرغم من فوزه في الانتخابات التمهيدية.
إذا نظرنا إلى برامج المرشحين الديموقراطيين الشباب نرى أنها في سياق برنامج ممداني تركز بشكل شبه حصري على تكلفة المعيشة الباهظة نيويورك مثلا أي العاصمة الاقتصادية للولايات المتحدة، ولا يتردد ممداني من توجيه الاتهام إلى المليارديرات الذين يشترون الانتخابات.
منظمة «الديمقراطيين الجامعيين في أمريكا»،وهي المنظمة الطلابية الديمقراطية الرئيسية عدد أعضائها يتجاوز 100 ألف عضو، وقعت على البياندعم للمرشحين الشباب . كما أن حركة «الاشتراكيون الديمقراطيون في أمريكا»، وهي حركة تأسست في ثمانينيات القرن الماضي ولم تكن معروفة نسبيًا لفترة طويلة، بدأت الآن تكتسب زخمًا بين الشباب.
قبل عقدين إن ذكرت كلمة «اشتراكي» كأنك استجلبت الشيطان في السياسة الأميركية، أم اليوم فقد تغيرت الأحوال.فالانقسام المتزايد ليس جيليًا فحسب، بل هو أيديولوجي أيضًا، وبشكل غير متوقع إلى حد ما.

ومن المفارقات أن معظم المرشحين الذين تدعمهم منظمات الشباب الديمقراطية لا يكترثون نسبيًا بقضايا «الهوية» أو «الجنس» أو «حقوق المثليين» أي النوع الاجتماعي، وهي الطروحات التي هيمنت على جزء كبير من النقاش العام في عهد جو بايدن وخلال حملة كامالا هاريس. إنهم يركزون على القضايا الاقتصادية والاجتماعية، وهذا خط يساري أكثر بكثير من خطوط قيادة الحزب.
بمعنى أن مسألة الـ«wokism» لم تعد تحتل حيزاً في الحملة الانتخابية الديموقراطية، بعد أن أصبح التنديد بهذا التوجه أحد أهم دوافع ارتفاع حظوظ المحافظين.

لكن على «اليسار» وهي وصف كان مبغوضاً في الولايات المتحدة حتى فترة قريبة، أن يحذر من ظهور حركة طلابية قوية داخل صفوف المحافظين أيضاً.

فقد أرسى «تشارلي كيرك» الذي اغتيل مؤخراً، والذي كان مقرباً من دونالد ترامب وجيه دي فانس، أسس شبكة واسعة جدًا في جامعات البلاد من خلال حركته تحت شعار«نقطة تحول الولايات المتحدة الأمريكية». ويزعم الحزب الآن أنه يضم 850 ألف عضو، وهو عدد أكبر بكثير من إجمالي عدد أعضاء منظمات الشباب اليسارية مجتمعة.
إذا الانتخابات في الولايات المتحدة باتت شباب ضد شباب!