- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

“الإسلاموفوبيا” العربيّة

زاوية حادّة

حسام كنفاني 

مع أحداث 11 أيلول/ سبتمبر في الولايات المتحدة، دخل مصطلح جديد على قاموس العمل السياسي العالمي. مصطلح اسمه “الإسلاموفوبيا”، الذي يعني الخوف من الإسلام والمسلمين في الغرب، وهو ما أثار انتقادات كثيرة في الأوساط العربية والإسلامية، إعلامياً وسياسياً، ضد العنصريّة الغربية والتمييز في التعاطي مع المسلمين والإسلاميين.

في السنتين الاخيرتين وصلت الحملة إلى ذروتها، وخصوصاً مع قوانين حظر النقاب والحملات اليمينية الأوروبية على الإسلام والمسلمين، وكانت كلمة “إسلاموفوبيا” كفيلة لتكون إدانة لهذه السياسة الغربية في الاوساط العربية، الإسلامية والعلمانية واليسارية والقومية، التي كانت ترفع لواء الدفاع عن حقوق المسلمين من باب معايير المساواة الغربية.

الوضع لا يزال قائماً حالياً مع كل إجراء غربي عموماً، وأوروبي خصوصاً، يحتمل شبهة استهداف المسلمين. لكن لم ينتبه أحد إلى أن هذه الإسلاموفوبيا تسربت بقوة إلى المجتمعات العربية خصوصاً، والإسلامية عموماً، مع بداية الثورات في المنطقة وما بدأت تفرزه من حكم إسلامي.

لم يعد الحديث اليوم مجدياً عن إسلاموفوبيا غربية، طالما أن هذه الآفة وصلت إلى بلادنا وبصيغة أبشع كثيراً مما هي قائمة في الغرب، الذي لم يعد من الممكن لومه على خوفه من الإسلاميين، طالما أن المسلمين أنفسهم يشاركونه الشعور نفسه.

منذ ظهور نتاج الثورات العربية لجهة وصول الإسلاميين إلى الحكم، بدأ الكثير من المؤيدين لهذه الثورات بالانقلاب عليها على اعتبار أنها لم تأت بما ينسجم مع كانوا يأملون النفس به، أما المعارضون للثورات فرأوا في فوز الإسلاميين فرصة لتسعير عداوتهم للحركات الشعبية التي “توصل الإسلاميين إلى السلطة”، وتمهد لـ “حكم اللحى”، كما يرددون بانتظام.

العداوة للإسلاميين بين التيارات المختلفة في الأوساط العربية، باستثناء الإسلاميين أنفسهم طبعا، بات واقعاً ملموساً في كتابات كثيرة تحذّر من “خريف إسلامي” بدل من “ربيع عربي”، ومن “مد سلفي ــ إخواني” سيسرق ما انتجته الشعوب، متناسين أن هذه الشعوب نفسها هي من أوصلت هؤلاء إلى الحكم بانتخابات حرّة لم تعرفها منذ عقود.

بالتأكيد لن يكون الحكم الإسلامي مثالياً، لأنه لم يكن يوماً كذلك، لكن ليتم التعامل مع هؤلاء كأفراد متساوين في حق الحكم والتجربة، والقياس عليها لمراحل سابقة من المؤكد انها ستعيد التوازن إلى التركيبات التمثيلية التنفيذية والتشريعية. مراحل قد لا تطول وخصوصاً أن التذمّر قد بدأ بالفعل في اوساط من أوصلوا الإسلاميين إلى الحكم. فـ “الإسلاموفبيا” العربية الحالية هي نتاج خيار مجتمع قد يخطئ وقد يصيب، وقد يعيد حساباته في مرحلة انتخاب لاحقة طالما تم إرساء واقع التداول السلمي للسلطة، والتي لن يطول الوقت لاختبارها طالما أن كل ما نشهده حالياً في مصر وتونس ليس إلا مرحلة انتقالية.

“بعبع الإسلاميين” استخدمته كل الأنظمة الديكتاتورية الساقطة، وها هي فئات كثيرة من المجتمع، ساهمت في مرحلة الإسقاط، تعيد استخدامه بأساليب مختلفة، مرتكزة بالتأكيد إلى ممارسات “شاذة” بدأ “الحكم الجديد” باللجوء إليها. لكن ذلك لا يبرر حال “الإسلاموفبيا” التي تجتاح الصالونات الثقاية العربية عبر التهويل بـ “الخطر الإسلامي”.