- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

‫سوريا أرض جهادٍ رغماً عن أهلها!‬

وسيم نصر

‫ها هو أيمن الظواهري يدعو “أسود سوريا” وكأن أسدان إثنان لا يكفيان سوريا وأهلها. وهو يدعو أيضاً مسلمي تركيا والعراق ولبنان والأردن إلى الجهاد. ذلك بعد أيام من إعلان وزير الداخلية العراقي أن الأسلحة والجهاديين يعبرون الحدود إلى سوريا.

‫هذا الإعلان جاء أيضاً بعد أيام من إعلان مسؤول أميركي أن تفجيري دمشق هما من أعمال خلية جهادية عراقية. ذلك من دون أن ننسى دور الأسد في دعم الخلايا الجهادية العراقية في عز الحرب الضروس التي عصفت في بلاد ما بين النهرين.

‫الواقع السوري الجديد يشكل ملعباً مثالياً للقاعدة التي كانت على قاب قوسين من دخول عالم النسيان مع موت بن لادن و تزامن ذلك مع انطلاق الربيع العربي.

‫لكننا يجب أن لا ننسى أنه من أول أهداف ““القاعدة”” المعلنة كان تغيير الأنظمة العربية والإطاحة بالحكام العرب تمهيداً للخلافة الإسلامية. إذاً، دعوة الظواهري تأتي من أجل أن تعود وتركب “القاعدة” قطار الثورات العربية الذي فاتها، لكن هذه المحاولة لا تخدم أبداً السوريين بل تخدم الأسد الذي ما فتئ يؤكد محاربة إرهابيين.

‫قد يريد الظواهري لعب دور قبل فوات الأوان لأنه إن نظرنا إلى حقيقة الأمور نرى أن تنظيم “القاعدة” لم يتمكن من إزاحة نظام عربي واحد ولم ينجح حتى في فرض نفسه في أية معادلة سياسية في البلاد التي نجحت فيها الثورات ولا حتى في ليبيا التي عرفت أشهراً من القتال.

‫لكن سوريا بسبب موقعها الجغرافي لها ميزات تدفع بالظواهري إلى إختيار بلاد الشام من أجل إعادة  “القاعدة” إلى الخارطة السياسية في المنطقة. ذلك بسبب تعدد الطوائف في سوريا وخاصة بسبب الحدود مع إسرائيل التي تعطي بعداً آخر لتواجد “القاعدة” في سوريا.

‫إذاً ها هو نظام الأسد الذي سهل مرور الجهاديين إلى العراق يرى نفس الجهاديين يعودون إليه لقلب نظامه أي إدخال عامل جديد في معادلة المنطقة الجديدة مع حلول حكم شيعي في بغداد: إعادة دمشق إلى الفلك السني.

‫يجعل التشرذم في الوسط السني السوري من سوريا أرضاً خصبة للقاعدة. كما هو الحال في العراق،  التي يمكن لها أن تجد أذاناً صاغية لدى بعض السوريين السنة. في المقلب الآخر، كما في العراق أيضاً، فإن من كانوا على صلة مع النظام السوري من جهاديي لبنان من الممكن أن يجدوا في الحراك السوري فرصة للإرتداد على النظام ولعب دور أساسي مع تحول الحراك إلى مقاومة عسكرية للنظام وجيشه.

‫وكما حصل بالنسبة للملكة العربية السعودية التي وجهت جهادييها إلى المقاتلة في العراق، يمكنها أن توجههم إلى سوريا مبعدة بذلك للمرة الثانية هذه الكأس عنها عبر إلهاء جهادييها بحروب بعيدة عن آبارها.

‫كل ذلك يخدم النظام الأسدي إذ أن كل تلك الضجة تصب في خانة نظرية الرئيس السوري الذي يؤكد محاربة الإرهاب.

‫تعقيدات اللعبة في سوريا و في هذه المنطقة من العالم تجعل من الفوضى الأمر المناسب لجميع القوى المتصارعة، ما عدا الشعب السوري الذي سوف يدفع الثمن الغالي من دماء أبنائه، دماء سوف تسيل لسنين طويلة في بلاد الثأر فيها نار، لا تخمدها إلا الدماء البريئة.