اعلن بطريرك الكنيسة الارثوذكسية، كيريلوس، دعمه الكامل لرئيس الوزراء فلاديمير بوتين، المرجح فوزه في الانتخابات الرئاسية المرتقبة في 4 اذار/مارس المقبل، في حين شهدت روسيا في الاشهر الاخيرة موجة احتجاجات غير مسبوقة على الحكم.
وقال البطريرك، اثناء لقاء مطلع شباط/فبراير بين بوتين وقادة مختلف الطوائف الدينية في روسيا، “لعبتم دورا شخصيا هائلا لتصحيح مسار التاريخ في بلادنا. واود ان اشكركم”.
وبعد اول تظاهرة كبرى للمعارضة في كانون الاول/ديسمبر في موسكو، دعا البطريرك كيريل الى تجنب تكرار ثورة 1917 التي اغرقت البلاد في “حمام دم”، في تحذير موجه على ما يبدو الى المتظاهرين المناهضين لبوتين.
واستطرد البطريرك مطلع شباط/فبراير قائلا ان “الارثوذكس لا يعرفون التظاهر. فصوتهم ليس مسموعا. وهم قلقون مما يحدث ويجرون مقارنة مع لااخلاقية سنوات ما قبل الثورة”، الفوضى وتدمير البلاد في التسعينات.
ولفت الكسي بيغلوف، المؤرخ المتخصص بشؤون الكنيسة الارثوذكسية، “ان الكنيسة بامكانها ان تشجع على اجراء حوار بين المعارضة والحكم لكنها لم تغتنم الفرصة لتصبح قوة ثالثة”.
ويؤكد حوالى 70% من الشعب الروسي انهم ارثوذكس، حتى وان كان عدد الذين يمارسون الشعائر الدينية بانتظام لا يتجاوز 5 او 7% بحسب استطلاعات رأي مختلفة.
وكان بوتين اعلن لدى وصوله الى الكرملين في العام الفين “ان الكنيسة الارثوذكسية هي حارس القيم الاخلاقية والروحية في روسيا”. ومنذ ذلك الحين يلتقي بوتين، الذي عمل سابقاً في اجهزة الاستخبارات السوفياتية، البطريرك بشكل منتظم، وتلتقط له الصور وهو يحمل شمعة بيده في كنيسة ويحضر القداديس اثناء الاعياد الكبرى.
ورأى الكسندر فرخوفسكي، من مركز الابحاث سوفا، “ان السلطات بحاجة للشرعية الرمزية التي يمكن ان تمنحها اياه الكنيسة”.
من جهتها، استعادت الكنيسة الارثوذكسية من الدولة الكنائس والاديرة التي صودرت ابان الحقبة السوفياتية وبات هناك وجود للكهنة في الوحدات العسكرية وحصص لتعلم الثقافة الارثوذكسية في المدارس.
واعتبر بوريس فاليكوف من مركز الدراسات المقارنة بين الديانات “ان هذا التحالف مع الحكم يحد من هامش المناورة لديها، فالبطريرك رهينة علاقاته مع السلطات”.
وقد عبرت شخصيات عدة من الكنيسة الارثوذكسية بوضوع عن دعمها لفلاديمير بوتين ورفضها للمعارضة. واعرب الاب فسفولود تشابلين، مسؤول العلاقات بين الكنيسة والمجتمع في البطريركية، عن ارتياحه لعودة بوتين المحتملة الى الكرملين، الذي اعلن بحسب قوله “فترة طويلة من السلام والاستقرار واستبعد اي خطر للثورة”.
وبرز الاب تشابلين بموقف متميز الشهر الماضي عندما اقترح ارسال ناشطي المعارضة الى الجيش “ليصنع منهم رجالاً”.
من جهته، وصف الاب الروحي للبطريرك، الارشمندريت ايليا، التظاهرات بانها “استفزاز لاناس يسعون الى اثارة الفتن في روسيا”. والمح ايضا الى ان المتظاهرين يتقاضون اموالاً، مكرراً بذلك اتهاماً اطلقه قبله فلاديمير بوتين.
لكن صدرت ردود فعل مختلفة جدا من كهنة ارثوذكس اخرين على المدونات وشبكات التواصل الاجتماعية على الانترنت. وقال الكسي اومينسكي، وهو كاهن من موسكو، على موقع “الارثوذكسية والعالم”، “ان القول ان المتظاهرين يتقاضون اموالا من الغرب ومن اولئك الذين يريدون تنظيم ثورة جائر. الناس يحتجون لاسباب اخلاقية”. واضاف ان الكنيسة يجب ان تسمع صوتها “لدعم البحث عن الحقيقة ورفض العيش في الكذب”.