- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

التمديد لغليون لقطع الطريق على قضماني

بسّام الطيّارة

تستعد تونس لاستقبال “مؤتمر أصدقاء سوريا»، إلا أن وزير الخارجية للنظام الجديد رفيق عبد السلام حذر بقوة من أنه «لن يستقبل معارضة غير موحدة» بل يريد استقبال كل المعارضة. مصادر مقربة من «منظمي المؤتمر على ضفتي المتوسط» تعترف بأن ذلك يشكل «ضربة للمجلس الوطني السوري» الذي يريد أن «يكون الاعتراف به أوتوماتيكياً من دون مناقشة»، تاركين له «قبول من يريد من المعارضة الداخلية ورفض من لا يريد»، وهو ما سبق للناطقة الرسمية بسمه بسمة قضماني أن أكدته مراراً، ناهيك عن «النعوت غير اللائقة التي توجهها في مقابلاتها الصحافية لهيئة التنسيق». وقد لوح بعض أعضاء المجلس الوطني بإمكانية عدم التوجه إلى تونس في حال إصرار المنظمين (فرنسا وتونس بشكل أساسي) على نوع «من بداية اتفاق بين المعارضة». ولكن في مثل هذه الحالة يتحول مؤتمر تونس «من مؤتمر أصدقاء سوريا إلى مجموعة اتصال حول سوريا»، أي تفتح الباب أما احتمالين لا ثالث لهما، إما تنضم روسيا والهند والصين وأفريقيا الجنوبية (ولربما الجزائر ولبنان والعراق) إلى مجموعة الاتصال ما يجعلها عاجزة عن إحراز أي تقدم ملموس وحسي لدعم الثورة، أو تقاطعه هذه الدول فتتحول إلى المجموعة إلى «مجموعة اتصال شبيهة بالتي قادت إلى الحرب على ليبيا أو قبل سنوات على صربيا لإخراجها من كوسوفو». حسب أكثر من مصدر فإن التيار المعارض للانفتاح على المعارضة الداخلية، وخصوصاً هيئة التنسيق، تقوده بسمة قضماني وهيثم المالح وفاروق طيفور، بينما يرى رئيس المجلس برهان غليون الذي جدد له في الدوحة مؤخراً ضرورة «الانفتاح التام على المعارضة العلمانية المتنوعة» حسب ما نقل عنه مقرب منه، ويقال إنه ما زال غير قادر على «استيعاب ضربة إلغاء الورقة التي وقعها مع هيئة التنسيق» قبل أن «يجبر على التراجع عنها». وحسب أكثر من مصدر فإن الدبلوماسية الفرنسية ضغطت بقوة لإبقاء غليون على رأس المجلس لأنه «منفتح على باقي أطياف المعارضة». ويفسر هذا لقاء جوبيه بغليون قبل عشرة أيام. سؤال واحد لم يطرح ولا تبدو القوى الداعية مستعدة لطرح أو للإجابة عليه «هل تدعى المعارضة المسلحة إلى تونس؟».

الخلافات بين مكونات المجلس الوطني لم تعد خافية وظهرت إلى العلن، ومسألة الاتفاق مع هيئة التنسيق الذي ألغي بعد ضغوط على رئيسه برهان غليون هي عينة منها. إذ أن التجديد لغليون في الدوحة أثار عاصفة قادها من داخل المجلس أطراف «إعلان دمشق للتغيير الوطني الديموقراطي» الذي أصدر بياناً انتقد فيه بشدة العمل «بعكس الاتفاقات المؤسسة للمجلس، وخاصة قاعدتي التوافق بين المكونات والتداولية في موقع الرئاسة». واعتبر ما حصل في الدوحة «خرقاً واضحاً للقواعد المتفق عليها بين مكونات المجلس وتجاوزاً لقاعدة التداول التي تثبت مصداقية شعار المجلس، ووعوده بإقامة نظام ديموقراطي في سوريا المستقبل». وأكد أن هذا الاتفاق شكل «صدمة أليمة لفاعاليات الثورة».

مصادر مقربة من المجلس فسرت هذا بأنه صراع بين رياض الترك وبين هيثم المالح، فالأول عمل على إخراج جورج صبرا من سوريا بهدف وضعه على رأس المجلس لما يتمتع به من صفات «نضالية وسنوات سجن» لا يحملها أي من أعضاء المجلس الحاليين. بالمقابل كان هيثم المالح يرى بأن يكون الرئيس المقبل «إسلامياً منفتحاً» ليزيد من التحام المجلس مع الناشطين في الداخل حيث لا يشك أحد بوزن الإسلاميين بين المقاتلين.

وفي هذه الأثناء كانت قضماني تحاول تقديم نفسها كحل وسط يبعد عن الإسلاميين الاتهامات الكلاسيكية التي تحملها الإسلاموفوبيا، إلا أن «الجميع وقف ضد قضماني»، من الترك الذي قبل بأن يحل محل صبرا سمير نشار، إلى هيثم المالح الذي عرض «القبول بالمنصب بعد أن سبق له ورفضه»، وصولاً إلى برهان غليون الذي عدل عن تصميمه على الابتعاد عن الرئاسة منعاً لاحتمال وصول قضماني. وقد قاد هذا إلى التجديد الذي لم يفعل سوى «ترحيل المشكل» ثلاثة أشهر.  إلا أن هذه الأشهر الثلاثة سوف تكون فترة عمل على ثلاثة محاور: الأول محاولة إنهاء النظام وهو ما يبدو بعيداً عن التحقيق حسب المعطيات اليوم. الثاني محاولة تقريب المعارضات ودمجها في مجلس يربح مصداقية وبالتالي اعترافاً دولياً. أما المحور الثالث فهو العمل على تليين موقف موسكو والتفاوض معها حول مخرج لوقف الحرب الأهلية المتصاعدة والانتقال إلى حل سياسي، مروراً بمجلس الأمن وهذا المحور ليس متبلوراً اليوم.