- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

القناص يستهدف الحقيقة

بسام الطيارة

نقطة على السطر

بسّام الطيارة

ماذا يعبر في خاطر «القناص» عندما يرفع سلاحه ويسدده نحو الهدف المتحرك أو الثابت؟

نستطيع فهم ما يسمى بـ«اللاوعي الجماعي» الذي يحرك الجيوش والجماعات المسلحة، فتفح النار باتجاه عدو يحركه نفس اللاوعي فيصاب من يصاب ويقع من يقع، فيطير ملاك الموت ويحصد ما يحصد من أرواح الفريقين.

أما «القناص» فإن التركيز هو مبدأ من مبادئ «فنه» ومن المفروض أن يكون اللاوعي غائباً عن محيطه والتفكير حاضراً: فهو يرفع السلاح يحكم ويسدد نظره عبر المنظار، يراقب،  يغمض عين ويركز بالعين الأخرى، يحدد هدفه… بين الأعداء ويحبس تنفسه عندما يجد «طريدته»، ثم يطلق النار عن بعد.

غياب الشجاعة لا ينزع عن «القناص» ضرورته العسكرية في إيقاف جحافل تهاجم مواقعه، أو في استهداف قائد يقود مجموعة مهاجمة، أو لاستهداف طريق أو معبر استراتيجي بهدف إقفاله عن بعد ومنع «العدو» من استعماله. وقد عرفت بعض الدول إبان حروبها الأهلية «قناصة» أقلقوا مضاجع الأمهات اللواتي كن ينتظرن عودة أبنائهن على شرفة المنزل وآذانهن صاغية لوسائل الإعلام التي كانت تشير إلى «الطرق السالكة والطرق المقفلة» بفعل القناصة.

هذا هو القناص الذي يضع مسؤولوه بين يديه آخر ما توصلت إليه صناعة القتل، من بندقية يصل مداها إلى ١٢٠٠ متر مجهزة بأحدث ما توصل إليه علم المناظير تكبر وتقرب الصورة «ليرى القاتل من سوف يقتل»، ويحدد مكان الإصابة بشكل «علمي» أي كي يصيب من الهدف مقتلاً.
يوم الجمعة في ١٦ أيلول كان «القناص X» ممتلكاً لكل المقومات التي تسمح له بتميز من يستهدف، فلماذا أطلق النار على صديقي الزميل محمد بلوط؟ لماذا استهدف القناص صحافياً ومصوراً ومساعداً فنياً؟
لن يربح  القناص حرباً ولا من يقف ورائه باستهداف وقتل الصحافيين. لا بل على العكس. كل من يغلق ميدان الحقيقة، التي ينقلها الصحافيون، مخطئ مرة وألف.

أيها القناص، أيها المجرم الجبان. أنت ومن ورائك يخاف الحقيقة يخاف النور الذي ينقله الصحافي الذي يخاطر بحياته لنقلها للخارج. أنت مجرم غبي.