- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

“فاتيليكس” تكشف مافيا الفساد والتجاوزات داخل “الكرسي الرسولي”

“مثلما هو الحال في عالم المافيا، فإن الفاتيكان كيان يعيش تحت ظلال الخوف ويحكمه «قسم الصمت»- المعروف لدى عصابات الجريمة المنظمة تلك باسم «اوميرتا»- على الأسرار المظلمة التي تدور في أروقته”.

هذا ما صرح به شخص مجهول الهوية يزعم أنه يشغل حيزاً سامياً داخل دائرة «الكرسي الرسولي» وهو الكيان السياسي القانوني المعترف به دوليا ويرأسه البابا. وبعبارة أخرى فهو عضو بما يمكن ان يسمى «حكومة الفاتيكان» المؤلفة مما يزيد قليلا عن 20 من الكرادلة وكبار الأساقفة.

وقد ظل هذا الشخص، الذي يقول إنه شغل مواقعه في الفاتيكان على مدى أكثر من 20 سنة، يسرّب في الأسابيع القليلة الماضية وثائق يصنفها الكرسي الرسولي «سرّية» الى الصحافة الإيطالية. وسارع المراقبون والمتهكمون الى تشبيه المسألة كلها بتسريبات موقع «ويكيليكس» الشهير ولذا سمّوها «فاتيليكس».

وبلغ الأمر أحد منعطفاته الدرامية ليلة الأربعاء عندما ظهر الرجل على شاشة تلفزيون La7 بوجه خبأته الظلال الكثيفة عن عدسة الكاميرا وبصوت غُيّر رقمياً. وكان كل هذا بغرض حجب هويته بناء على طلبه إذ قال إنه يخشى على حياته من عواقب إفشائه أسرار المؤسسة الكاثوليكية الأعلى في العالم.

فقال إن الفاتيكان «يعيش في جو من الفساد والمحسوبية والتجاوزات المفتقرة الى حكم الضمير، وكلها مغلّف بالسرية والغموض والترهيب. ربما كان الفاتيكان يلتزم- بدون اتفاق مكتوب- اوميرتا الصمت حتى لا تخرج الحقائق الى العلن. الأمر هنا لا يتعلق بالصراع على السلطة وحسب وإنما بجو الخوف العميق الشائع بالدرجة الأولى».

ويقول هذا الرجل إنه عمل في ما يسمى رسميا «أمانة الدولة»، المعادلة لمجلس الوزراء، بقيادة الكاردينال تارتشيزيو بيرتوني. ويذكر ن هذا الأخير يتمتع بالنفوذ الهائل ولكن بشعبية متدنية وأوردت الصحف أنباء خلافه العميق مع البابا وأعوانه.

ويقول الرجل إن الفاتيكان «أشبه بمكان تستطيع فيه ارتكاب جريمة قتل ومحو آثارها على مرأى من الجميع داخله، ثم تغادر ساحة الجريمة مطمئنا الى أن الناس سينسون الحادثة فور ذلك». وقالت الصحف إنه كان يشير بذلك الى فضيحة وسط صفوف «الحرس السويسري» العام 1998 عندما قيل إن أحد اليافعين من هؤلاء، ويدعي سيدريك تورناي (23 عاما)، أردى قائد الحرس وزوجته قتيلين ثم انتحر بعد جريمته.

على أن والدة الشاب عارضت هذه الرواية الرسمية قائلة إن القتل والانتحار يجريان على العكس من طبيعة ابنها. وناشدت البابا بنيديكتس السادس عشر فتح القضية من جديد وتقصي حقائقها. وأتى هذا التطور وسط تكهنات واسعة النطاق قالت إن الأموات الثلاثة ضحايا قاتل آخر تستر عليه الفاتيكان انطلاقا من مصالحه هو.

ويأتي لقاء الرجل مفشي الأسرار مع وسائل الإعلام بمثابة إحراج عظيم للفاتيكان الذي ظل محل تهامس محموم حول العتمة التي يضربها حول نشاطاته. وصار هناك الكثير من التكهن بصنوف الفساد في أروقته وخاصة داخل بنكه الخاص المسمى «مؤسسة أعمال الدين». وما فاقم المسالة تحذير أحد الكرادلة من أن البابا نفسه سيتعرض لمحاولة اغتياله في غضون 12 شهرا وعلى الأرجح العام الحالي.

ونفى الرجل بشدة أن يكون مدفوعا بالرغبة في المال وقال: «شيء كهذا لا يخطر على بالي لأنه يمثل خيانة عظمى لمبادئي». وأهاب بالفاتيكان «تقصي الحقائق في أمر جلل آخر». وقال إنه يشير بهذا الى حادثة اختطاف مراهقة تدعى ايمانويلا اورلاندي قبل 30 عاما. وكانت تكهنات قد سادت مع مر السنين وأفادت أنها اختُطفت كورقة للمساومة على إطلاق سراح التركي محمد علي أقجا الذي أطلق النار على البابا يوحنا بولس الثاني في ساحة سنت بيتر الفاتيكانية العام 1981.

وقيل في جهات أخرى إن والد الفتاة، وكان موظفا بالفاتيكان، عثر على وثائق سريّة تربط بنك الفاتيكان مباشرة بإحدى عصابات المافيا في روما، وإن اختطاف ابنته تم بغرض ربط لسانه عن البوح بالسر. وقالت تلك الجهات إن أمر الاختطاف صدر من الكاردينال بول مارتشينكاس الذي كان وقتها رئيسا للبنك (من 1971 حتى 1989) وتوفي قبل ست سنوات.