- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

بعد تونس إسطنبول!

وسيم نصر

كُتب الكثير عن تطورات الشأن السوري. بين المؤمنين بحقيقة المؤامرة وطالبي الحرية معركة ضروس تدور بعيداً عن صالونات العواصم الغربية. إذا قارنا بين تطور الأمور في ليبيا وتطورها في سوريا من ناحية الحراك الدولي لدعم الثورة نرى هوة كبيرة تفصل ما بين الإثنين.

سبق وقلت إن الفوضى في سوريا تناسب الجميع، أقله في الوقت الراهن. البرهان يكمن في تلطي العواصم الغربية وراء الفيتو الروسي وكذلك بالنسبة للفيتو الصيني لعدم تأمين مساعدة فعلية لثوار سوريا.

الحقيقة أن مؤتمر تونس فشل فشلاً ذريعاً بسبب ضعف الدعم الدولي، إذ أن باريس على سبيل المثال ولا الحصر لم تحتضن هذا المؤتمر كما فعلت مع مؤتمر المجلس الوطني الليبي. ما كف المسؤلون الغربيون يؤكدون عدم نيتهم الشروع بعمل عسكري وذلك منذ بداية الحراك في بلاد الشام، مما هو بمثابة “تصريح” غير مباشر يخول الأسد البطش بشعبه.

شعبٌ يُبطش به بينما من يسعون لتمثيله يتقاتلون على إقتسام سلطة مجلس لا سلطة له، يسعون إلى إعتراف أممي بينما السوريون لم يعترفوا بهم بعد. أين هي التنسيقيات في حسابات المجلس الوطني السوري؟ حتى الجيش السوري الحر لم ينتزع إعتراف المجلس به إلا بعد جهدٍ جهيد ولما كان حصل هذا الاعتراف لولا إنشاء مجلس عسكري موازي كاد أن يخطف الضوء عن الأسعد ورجاله مما أدى إلى تقرب برهان غليون رئيس المجلس الوطني منه بعد أن كاد بدوره أن يفقد الرئاسة.

بالرغم من أشهر الحرب في ليبيا وقصف الناتو الذي ساعد على الإطاحة بالقذافي وبالرغم من المعارك التي ما زالت تدور في شوارع طرابلس، لم يتكلم أحد عن حرب أهلية ولا عن قتال ما بين الفرقاء. بل بقي معمر القذافي، حتى أخر لحظة من حياته ومن موته ذليلاً، الطاغية الذي يقمع شعبه.

أما الأسد فقد نجح حيث فشل القذافي، فها هي لجنة الصليب الأحمر الدولية تدعو “جميع الأطراف” إلى وقف لإطلاق النار. ها هو ألان جوبيه، وزير الخارجية الفرنسي، يسعى “للضغط على جميع الأطراف المتصارعة”. ها هم المسؤولون الأميركيون يؤكدون أن “القاعدة وراء تفجيري دمشق” ووزير الداخلية العراقي يؤكد أن “المجاهدون والسلاح يعبران الحدود إلى سوريا” ذلك بعد أن أكد وزير الدفاع اللبناني أن مقاتلي القاعدة يعبرون من لبنان إلى سوريا.

كل ذلك يتوّج بآخر إعلان للأمم المتحدة حيث تتهم المنظمة الدولية جيش الأسد والجيش السوري الحر بإرتكاب تجاوزات بعد أن أكدت أنه بحوزتها الدليل على ذلك.

إذاً أدخل النظام الأسدي المعارضة في معادلة جديدة ألا وهي معادلة الصراع على السلطة في سوريا وذلك ما بين الأسد والمعارضات السورية العاجزة عن التوحد لمواجهته بالرغم من ٧٦٠٠ شهيد أقله؛ وها هو المجتمع الدولي يُقر بذلك بطريقة غير مباشرة.

النظام في سوريا ليس محصوراً ببشار الأسد بل هو موزع وأُفُقي بكل ما للكلمة من معنى. لأن المنتفعين كُثر وليسوا فقط من العلويين بل أيضاً من السنة، يضاف إلى ذلك أن الذين ذهبوا بعيداً في القمع لا يمكنهم العودة إلى الوراء. لهذه الأسباب كلها ما زال النظام متماسكاً، لهذه الأسباب لم نر أي سفير سوري يُعلن تبرؤه من النظام ولم نر أي مسؤول كبير إن كان في الآلة الحاكمة أو في الجيش يُعلن أنشقاقه عن هذا النظام.

الحل يبقى في توحد المعارضة السورية في الداخل والخارج لأن النظام السوري لن يتراجع قبل أن يطفئ نار الثورة مهما كان الثمن. الوقت يلعب لصالحه والعالم يعطيه مهلة بعد أُخرى. آخرها مكونة من ثلاثة أسابيع، بإنتظار إجتماع إسطنبول…