- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

ليبيا بأيدٍ سوريّة

زاوية حادّة

حسام كنفاني

“قُضي الأمر”. هكذا يمكن توصيف المرحلة المقبلة في الثورة السورية، التي حُسم اتجاهها إلى تسليح المعارضة، وبالتالي الإعلان رسمياً عن عسكرة الثورة، ما يعيد إلى الأذهان السيناريو الليبي، لكن هذه المرة من دون وجود لحلف شمال الأطلسي، فالسيناريو سيكون بأيدٍ سوريّة.

“سيناريو ليبيا” عاد إلى الأذهان مع مؤتمر “أصدقاء سوريا”، الذي عقد قبل ايام في تونس، بداية من باب تشابه الأسماء بين “أصدقاء سوريا” و”أصدقاء ليبيا”، غير أن الأهم هو ما بدا أنه توافق ضمني تمّ في الاجتماعن وتبلور بعده، لإخراج خيار تسليح المعارضة إلى العلن، بعدما كان يدور منذ أشهر في الأروقة السرية لصناع القرار العربي والغربي، وتحديداً منذ ظهور “الجيش السوري الحر”.

السيناريو الليبي لن يكون نفسه في سوريا، فالغرب بالمطلق يتعلم من تجاربه. في سوريا لا مكان لـ”الأطلسي”، الكل مجمع على ذلك، فلا الظروف الدولية تسمح، ولا موقع سوريا الاستراتيجي وتحالفاتها يدع مثل هذا التدخل يمر مرور الكرام من دون إشعال المنطقة بأسرها، وهو ما لا يرغب به أحد. يبقى عنصر آخر من السيناريو الليبي، المتمثّل في تسليح المعارضة، وهو الخيار الذي قال عنه وزير الخارجية السعودي، سعود الفيصل، بانه “ممتاز”، ودعا إليه رئيس الوزراء القطري، حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني، ولاحقاً أسس لأجله رئيس المجلس الوطني السوري، برهان غليون، “وزارة دفاع”، من المرتقب ان يكون مقرّها تركيا.

الحماس واضح في هذا الاتجاه لمحاولة تطبيق الجزء الثاني من السيناريو الليبي، مع الإدراك أن مثل هذا الأمر سيؤدي إلى صراع طويل الأمد، من دون استبعاد اندلاع حرب أهلية في سوريا، مع خسارة الثورة لطابعها السلمي، والذي لا يزال انصاره موجودين ويدافعون عنه بحماسة.

تقارير أميركية كثيرة تشير إلى أن الجزء الثاني من السيناريو الليبي بدأ يطبق فعلياً، وان شحنات من الأسلحة “الخفيفة” بدأت تصل إلى المقاتلين في سوريا، بعلم الغرب والعرب وبغض الطرف منهم. غير أن الأمر لن يكون حاسماً قبل الدخول الغربي المباشر على خط التسليح، وهو أمر لا يزال محل أخذ ورد، تماماً كما كان الأمر في ليبيا، حين كان الغرب يشدد على رفض تسليح المقاتلين خوفاً من القاعدة، لكن مع نهاية الثورة خرج برنار هنري ليفي ليعلن جهارة أن فرنسا سلحت المقاتلين.

الأمر نفسه يتكرر اليوم، وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون تستبعد تسليح المعارضة، خوفاً من وصول هذه السلاح إلى أيدي “القاعدة” وحركة “حماس”. الكلام السابق عن ليبيا لم يكن يعني ان السلاح لم يكن يتدفق، والكلام الحالي عن سوريا أيضاً. لكن الفارق أن ما كان يحصل سرّاً في ليبيا، سيكون علناً في سوريا. قرار التسليح قد يكون قريباً ورسميّاً، لتعويض غياب “الأطلسي”.