- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

كابوس “الربيع العربي”

نقطة على السطر

بسّام الطيارة
منذ سنة كانت قلوب العرب ترتجف شغفاً أمام شاشات التلفزيون التي كانت تبث هتاف «الشعب يريد…». كانت القشعريرة تدب في جسد الإنسان العربي وهو يرى أحلام أجيال تتحق مباشرة على الهواء، والجماهير في الشوارع تصرخ «الشعب يريد…». كانت الشعوب العربية تتحزر من هو الزعيم المقبل الذي سوف نهتف له «الشعب يريد…»؟ كل الشعوب، في كل البقاع من المحيط إلى الخليج أسعدتها هذه الهتافات. كلها فرحت لبدء نهايات الدكتاتوريين.
مع أول ثورة في تونس الخضراء بات العربي يمشى ورأسه مرفوع. كلمة «ربيع» وكل ما تحمله من دلالة ورمزية ارتبطت باسمه، وبات يفخر بأن «العرب قادرون على الثورة»، وليسوا خنوعين مثلما روج لهم الغربي بأفلامه ورسومه الكرتونية. حمل الأمل بفجر ديموقراطي ينبلج في أفق تاريخ العرب الحديث.
رأيت بنفسي عرباً يشرحون لأولادهم المعاني التي حملها الربيع العربي والدموع محبوسة في مقلاتهم، يتحدثون بالديموقراطية وبآفاق المستقبل الذي ترتسم خطوطه مشرقة ومليئة بالأمل. كل العرب انفرجت أساريرهم بعد أن رأوا نقطة النور في نهاية نفق الاستبداد تقترب وتقترب معها فتحة الأمل.
بكى عديدون وهم يرون أحلامهم تحقق في بث مباشر على الهواء. حدث هذا في كل الدول العربية. كاذب أو غير بصير من يقول العكس. كل عربي حدّث نفسه ببشرى الحرية وزوال الكابوس.
كل الدول العربية شهدت تحركاً من المحيط إلى الخليج. كاذب من يقول العكس. في كل أرجاء البلاد العربية هتف البعض «الشعب يريد…».
نحن في عصر الأنترنيت والخبر بات لا يضيع و«غوغل» كفيل بفتح بصيرة من لا يبصر.
أين هذا «الربيع العربي» منا اليوم؟ أين هتافات «الشعب يريد…»؟ أين هذه الثورات الجميلة؟ أين الورود البيضاء ترفع في وجه كاميرات العالم؟ أين الكلمات الجميلة المخطوطة على قطع كرتون في لغات متعددة تقول ما يريده الشعب؟
هل كل هذا كان مقطعاً من حلم جميل؟
«مقاومة» بدأت باليمن وليبيا والبحرين وسوريا قضت على الربيع العربي. توزيع للأموال بدأ في السعودية والكويت وقطر وعُمان والإمارات قصم ظهر الربيع العربي. مناورة دستورية انطلقت في المغرب والأردن كبلت تحرك الربيع العربي. توزيع ذكي لقوات الأمن في الجزائر والسودان لجم رغبات الالتحاق بالربيع العربي.
الطائفية في لبنان نصبت فخاً للربيع العربي.
فلسطين من سجنها الكبير تتبعت الربيع العربي.
من منا يذكر أنشودات الثورات؟ من منا يستطيع أن يجزم بأن ربيعاً عربياً مر في دهاليز ذكرياتنا؟
الثورة إما دخلت تحت عمائم الدين أو انزلقت إلى مستنقع دماء.
بربك لا تحدثني عن ربيع عربي. أنظر إلى حمص إلى سوريا وإلى دماء الأبرار. أنظر لمن «يتبرع بنجدة» الثورات لترى من أي حلم خرجنا وفي أي كابوس ولجنا.