بينما كان البعض يترقب أن تكون المنطقة الشرقية في السعودية شرارة انطلاق الاحتجاجات الشعبية، هبت الرياح من أبها، وتحديداً من الطالبات في جامعة كلية الملك خالد.
البداية كانت مع اعتصام نفذته الطالبات السعوديات تعبيراً عن تصاعد تذمرهن من تردي الخدمات في الكلية وتحديداً تكدس النفايات داخل الحرم الجامعي الذي أتى ليصب الزيت على نار الشكاوى ومن بينها تحسين بيئة التعلم واحترامهن من قبل مسؤولات الكلية ومشرفات الأمن.
خطوة لم يكن من الممكن أن تمر من دون عقاب من قبل الادارة التي هالها أن تتجرأ الطالبات على انتقادها ورفع صوتهن عالياً. فتم ابلاغ السلطات الأمنية بالموقف مطالبةً اياها بالتدخل. وعلى الإثر، دخل رجال الأمن السعوديون مصحوبين برجال هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إلى الحرم الجامعة من دون إشعار مسبق، ما أدى إلى وقوع اشتباكات أسفرت عن أكثر من 50 اصابة واثارة حالة غضب واسعة.
وفي محاولة للتنصل من أي مسؤولية، وخصوصاً بعدما جرى الحديث عن اقتحام تجمع الطالبات اللواتي كن بلا حجاب، أعلن الناطق الرسمي لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بعسير الشيخ عوض الأسمري، أن الهيئة كانت أولى الجهات تواجداً في الموقع بأكثر من 25 مركبة، مؤكداً أن دور الهيئة كان تكاملياً مع باقي الجهات بمشاركة الأطقم الميدانية. كما شدد على أن تواجدها أضفى ارتياحاً على طالبات الجامعة.
من جهتها، أصدرت الجامعة بيانين منفصلين، حاولت تحميل الطالبات وأولياء امورهن مسؤولية تفاقم الوضع وذلك بعدما أوعز أمير منطقة عسيرالأمير فيصل بن خالد بن عبد العزيز بتشكيل لجنة عليا للتحقيق في الأحداث. ولفتت الجامعة إلى أن «بذرة المشكلة نشأت من تهجم أحد أولياء أمور طالبات القياس على الأمن والسلامة وعلى عمال النظافة وطردهم– تحت التهديد- مع أن الكلية قد وضعت آلية لتنظيف العمال في المباني التي لا يوجد بها أحد، مما أدى إلى هروب عمال النظافة، وبالتالي أدى ذلك لتراكم النفايات». أما البيان الثاني، فاتهم “طالبات كليتي التربية والآداب بأنهم أصدرن أصواتاً عالية وسلوكيات تخرج عن النظام المتبع داخل المجمع، ثم تطورت الحالة إلى التهجم على مشرفات الأمن والإداريات وأعضاء هيئة التدريس مدعيات أن لهن مطالبات لم تحقق، متوعدات بمعاودة الكرة مرة أخرى”.
كما تحدثت ادارة الجامعة عن ما اسمته عمد بعض الطالبات إلى “نشر الفوضى والعبث بالممتلكات العامة، واستخدام طفايات الحريق وخراطيم المياه على الطالبات الأخريات مما أدى إلى حدوث بعض الإغماءات التي تم إسعافها على الفور”.
وفتحت أحداث الجامعة الباب لمناقشة الأوضاع الداخلية للجامعة وتقليب الملفات الساخنة داخل أروقتها، حيث امتلأت شبكات التواصل الاجتماعي بالكثير من الاتهامات والأحاديث عن قضايا الفساد التي ترزح تحت وطأته الجامعة الوحيدة في المنطقة.
كما سلطت الحادثة الضوء على مشاكل إدارية داخل أروقة الجامعة لم تظهر لوسائل الاعلام من قبل، مما يوحي بأن حادثة الأربعاء كانت نتيجة تراكمات لأحداث تعيشها الجامعة منذ فترة، حيث تقدم قرابة الثلاثين من أعضاء هيئة التدريس بالجامعة بطلب الاستقالة قبيل ساعات من أحداث الأربعاء. وهي معلومة أكدها الكاتب صالح الحمادي، الذي خصص في الآونة الأخيرة عدة مقالات بجريدة «الشرق»، تتحدث عن الفساد في الجامعة نبش من خلالها بعض ملفاتها السرية وتضمنت أسئلة عن التعاقد مع أساتذة أجانب في غير تخصصاتهم، تزوير عقود تثبيت الموظفين، فضلاً عن توظيف أقارب كبار المسؤولين وسياسة التطفيش للكوادر المتميز.
أما الحل الاداري الذي اختارته السلطات لمحاولة لتدارك الموقف حل، وافقت وزارة الخدمة المدنية على تثبيت 1489 موظفاً وموظفة بجامعة الملك خالد والكليات التابعة لها بالمحافظات من العاملين على بند الأجور وبند المستخدمين.