- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

معرض “حاسّة التذوق”: سكّر وملح… وتراجيديا بيئية

إميلي حصروتي (لندن – خاص)

الشُعب المرجانية

الشُعب المرجانية

مع بداية الخريف من كل عام، تشهد لندن دفقاً من الأعمال والمعارض المتميزة التي تحوّل الفضاءات الفنيّة فيها الى قطب فني عالمي. ومن الفعاليات التي يُتوقع ان تشدّ اليها الأنظار لفرادتها، معرض “حاسّة التذوق” للزوجين اليابانيين “كن وجوليا يونيتاني” في كاليري “جي في آرت”، إذ يطرحان من خلال أعمالهما النحتية المشاكل البيئية التي تهدّد النظام الايكولوجي في استراليا، حيث يعيشان حاليا. وقُسمت أعمال المعرض، الذي يبدأ في السادس من اكتوبر/ تشرين الأول المقبل ويستمر حتى الثاني والعشرين من نوفمبر/ تشرين الثاني، الى مجموعتين.
في المجموعة الأولى: “حاجز الشُعب المرجانية الحلو”، عمد الفنانان الى استعمال السكر لتشكيل حاجز شُعب مرجانية يتألف من منحوتات ضخمة رائعة، في إشارة الى مزارع السكر التي تحتلّ أجزاء كبرى من الاراضي المحاذية لـ “حاجز الشُعب المرجانية الأكبر” في استراليا، الذي يضمّ أضخم مستوطنة للشُعب المرجانية حول العالم. وقد تعرضت هذه المستوطنة في السنوات الأخيرة لموجات تلف مخيفة نتيجة الزراعات المكثفة واستعمال الأسمدة والمبيدات التي تتسرب الى مياه البحر مسببة ابيضاض الشُعب المرجانية وموت نظام ايكولوجي استثنائي بتكوينه النوعي. في هذه المجموعة، يعالج “كن وجوليا يونيتاني” موضوع تلف الشُعب المرجانية وأثره على التنوّع البيئي ضمن رؤية فنية ممتعة لا تخلو من تراجيديا صاعقة، حيث تمتدّ فلسفة الأعمال المعروضة لتذكّرنا بنهم الإنسان وحبه للاستهلاك اللذين يسببان موت انظمة ايكولوجية موجودة منذ ملايين السنين.
أما المجموعة الثانية التي تحمل اسم: “الحياة الخامدة: سلة الغذاء”، فهي تقدم رؤية فنية حزينة لحال منطقة حوض موراي – دارلينغ النهري في استراليا الذي يعتبر أهم سلة غذاء للبلاد، إذ إنه يروي الكمية العظمى من الانتاج الزراعي للقارة بأكملها لكنه مهدّد بالجفاف وارتفاع منسوب الملوحة في مياهه. أمضى “كين وجوليا يونيتاني” أسابيع طويلة برفقة علماء يعملون ليل نهار لإيجاد مشكلة للملوحة في هذه المنطقة وعادا بـ 500 كيلوغرام من الملح ليصنعا منها منحوتات لأغذية تحتل مائدتنا بشكل يومي من فاكهة وخضار ولحوم، آملين أن يرفع عملهما الفني هذا درجة الوعي لدى الجمهور وينبهه الى خطورة موضوع ارتفاع الملوحة الذي يهدّد الانتاج الغذائي للإنسان ويؤدي الى تصحر مناطق شاسعة.
في حديث هاتفي مع “أخبار بووم”، شرح السيد روبرت ديفسيك، المدير الفني لكاليري “جي في آرت”، أبعاد استضافة معرض “حاسّة التذوق” الآتي من استراليا الى لندن، فنوّه بموهبة “كن وجوليا يونيتاني” ورؤيتهما الإبداعية في علاج مشاكل بيئية لن تنقضي آثارها على المجتمع الذي تقع فيه، بل ستمتدّ لتطال العالم أجمع في ظل نظام عالمي اقتصادي وبيئي مترابط بعضه ببعض.
يتميز كاليري “جي في آرت” في لندن بدعمه للفعاليات الفنية التي تزاوج بين العلوم والفن باعتبارهما يكملان بعضهما في الإبداع وكشف الخبايا الإنسانية.