يعتبر «أميدرور» (Amidror) و«يوسي» (Yossi) من الديبلوماسيين الذين يعرفون العالم العربي جيداً إذ أنهم خدما فيه (كجواسيس) لسنوات طويلة. منذ سنة يتابع هؤلاء الخبيران الأحداث في سوريا لحظة بلحظة ويحللا مضمون كل فيديو يضعه المعارضون لبشار الأسد على شبكة الأنترنيت. ويشكلا لوائح بأسماء القتلى والمقبوض عليهم ويضعا إشارت على خرائط معلقة على حيطان مكاتبهم يشيرا إلى منازل هؤلاء القتلى والمساجين مع مناطق ولادتهم ومذاهبهم.
وقد وصلا إلى استنتاج مخالف جداً لاستنتاج «إيهود باراك» وزير الدفاع الذي ذكر في مطلع شهر كانون الثاني/يناير أن نظام بشار سوف ينهار خلال أسابيع قليلة. ويقول الخبيران «إن أسد ربح عسكرياً معركة حمص» ولن يسقط في الأسابيع المقبلة، ولا حتى في الأشهر مقبلة. ويضيفا «ولا نعتقد بإمكانية أي انقلاب».
ويعتمد تحليلهما على فحص يومي للعوامل الأربعة التالية:
١- تماسك قوى النظام الأمنية، حيث أن الانشقاقات ما زالت محدودة في صفوف الضباط الصغار، وإن لاحظا انشقاق بعض كبار الضباط من منطقتي الرستن وحمص. ويضيفا بأن «الجيش والأجهزة الأمنية يمسكا الوضع بشكل جيد». ولكنهما يعترفا بوجود بداية أزمة مع المجندين من الطائفة السنية الذين يترددون في العودة إلى ثكناتهم.
٢- وضعية الجيش السوري الحر الذي يحوي كل الذين انشقوا والمتطوعين في الثورة ضد النظام. ويقول الخبيران إن قوى هذا الجيش متبعثرة على الأرض، «ولا يوجد إلا رجل واحد له صفات عسكرية هو رياض الاسعد زعيم هذا الجيش» وهو متواجد في تركيا ولا يقود أكثر من ٥ إلى ١٠ في المئة من المسلحين في الداخل السوري.
ويلاحظ الخبيران بداية محاولة توحيد صفوف المجموعات المسلحة لرغبة بعض الدول العربية وبعض الغربيين بتسليحها، إلا أنهما يكشفا عدم دعم إسرائيل لهذه المبادرة التي تصفها بأنها «خطرة».
٣- تأثير العقوبات الاقتصادية ودور رجال الأعمال المحليين.
«رغم العقوبات، ما زال لدى النظام فترة سماح ومخزون بسبب المساعدات الإيرانية وشبكات التجارة مع العراق». أما بالنسبة لما يمكن أن يقدمه تجار حلب ودمشق للنظام فإن «غالبيتهم مترددة وتنتظر مجرى الرياح» حسب قول الخبيرين.
٤- غياب إرادة غربية.
يقول الخبيران «لا نرى أي تدخل خارجي في الأفق ولا حتى بذور إنشاء نوع من منطقة حرة كما حصل في ليبيا، ولا مؤشر إلى الرغبة بفرض حظر طيران يمكن أن يستفيد منها الثوار».
ورغم أن الإسرائيلين قد لاحظوا توتر ما في بعض أحياء حلب وحصول بعض التوقيفات في الأسابيع الأخيرة، إلا أنه المقابل لاحظوا أيضاً أن «رجال بشار الأسد قد استردوا المبادرة في دمشق العاصمة وخصوصاً في مناطق الريف» أي المناطق الواقعة حول الضواحي. ويستطيع النظام أن يعتمد على السكان في هذه المناطق المأهولة من الدروز مثل «جرمانة» والشيعة (حوالي الـ ١٥٠ إلى ٢٠٠ ألف) وأعداد من اللاجئين الفلسطينيين.
وينهي أحد الخبيرين الإسرائيليين بالقول «في الواقع ليس لدينا سياسة تجاه سوريا» ما عدا الاكتفاء بسوريا مع نظام ضعيف. ولكننا لا نريد جاراً تتسبب الفوضى والعنف فيه بحالة عدم استقرار.
Georges Malbrunot