- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

حماس في زمن “الربيع العربي”!

فادي أبو سعدى

لم تعد تسمية “الربيع العربي” تصح لما يحدث من حولنا في الوطن العربي، ذلك أن التوصيف الدقيق والأشمل لما يجري هو “العهر العربي”، في زمن تتغير فيه الأيديولوجيات، والاستراتيجيات، بسرعة البرق، او حتى تكاد تكون أسرع، وفقاً لمصالح ضيقة، ووفقاً لنتائج في هذا البلد أو ذاك مما أفرزه زمن “العهر العربي” وزمن الثورات، وزمن الطغاة، وزمن الدماء المنتشرة في كل مكان.

كانت حركة حماس بالأمس القريب تدافع عن سوريا “العروبة”، سوريا “حامية مشروع المقاومة”، وتخلت عنها ببضع دولارات من دولة أخرى، وأصبحت نفسها حماس، التي لا تفهم إلا لغة المقاومة، وتحرير الأرض بالكفاح المسلح، في ليلة وضحاها، حاضنة للتهدئة، خاضعة لمصالح المرحلة، ومصالحها الآن تقتضي التهدئة تبعاً لمصالح “الإخوان”.

سمعنا أصواتاً وإن كانت خافتة، بسبب الخوف من غزة، تهاجم موقف حماس، لكن الضفة الغربية غاضبة على هذه الحركة، التي يبدو أنها قررت فعلاً التخلي عن غزة، وعن دماء الشهداء، لأن مصلحتها تتطلب بقاءها في الحكم، وأن تبقى الجهة الحاكمة والمسيطرة على الأرض.

حماس ليس فقط لم تنفذ بنود المصالحة التي قيل إنها أنجزت “حبراً على ورق”، لكنها هذه المرة لم تقاوم، وتركت الميدان للمقاومين الحقيقيين من كافة الفصائل الفلسطينية الأخرى، ووصل الأمر بهذه الحركة الكبيرة إلى حد التخبط في إعلان موقفها مما يجري على الأرض، فتارة تقول إن مقاوميها في الميدان من دون إعلان، وتارة أخرى تعلن أنها على الحياد مما يجري.

الحقيقة أن زمن “العهر العربي” هو نفسه “زمن السقوط المدوي” لكل من حاول ركوب التيار، وتسجيل الأهداف “متسللاً”، لأننا لسنا مكفوفين بعد اليوم، ونقرأ بين السطور كما يفعلون هم، ونعلم بالتحالفات القائمة، ومتطلبات المرحلة بالنسبة لهم.

من يعتقد بأنه الرابح من هكذا مواقف، عليه أن يعلم أنه الخاسر الأول، والأكبر، بل والوحيد، لأن التاريخ أكد مراراً وتكراراً، أن من يحكم لا بد لحكمه أن ينتهي، ولا يبقى سوى الشعب الذي هو صاحب الكلمة الفصل، ورغم أن تصحيح المسيرة متاح دائماً، إلا أن الخسائر كبيرة جداً، والطريق للعودة من جديد شاق للغاية.

لا بد من إعادة النظر فيما جرى، وتقييمه بدقة متناهية، ذلك أن الخلافات التي كشف أمرها داخل حركة حماس تركت الباب مفتوحاً لكل التحليلات، لتأتي الضربة شبه القاضية بقيادة حماس لتهدئة لا يعرف إن كانت لصالح الفلسطينيين ومقاومتهم، أم لصالحها هي، أم لصالح إسرائيل، وسياسة حماس الجديدة في زمن “العهر العربي”.