- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

«خديعة» أبو مازن

الزاوية الحادّة
حسام كنفاني
من كان ينتظر دولة في أيلول، على حسب وعد الرئيس الفلسطيني محمود عبّاس، عليه أن يستمر في الانتظار، إذ لا ملامح لدولة ظاهرة في أفق هذا الشهر من العام الجاري. فمصير الدولة الموعودة، بحسب السياق الذي تسير فيه خيارات السلطة، لن يتحدد قبل «أسابيع عدة»، بحسب ما أعلن وزير الخارجية الفرنسي آلان جوبية. الأسابيع هذه غير محددة، وهي خاضعة لمزاجية مناقشات الدول الكبرى، فقد تكون شهراً أو شهرين أو أكثر. والفلسطينيون مستعدون للانتظار، بحسب ما أعلن عضو وفد السلطة إلى الأمم المتحدة نبيل شعث، الذي قال إن «الفلسطينيين سيعطون الدول الكبرى فرصة لمناقشة الطلب الفلسطيني في نيل العضوية الكاملة في الأمم المتحدة».
سياق الانتظار، على ما يبدو، هو المخرج المناسب لفكرة التوجه إلى الأمم المتحدة، والتي من الواضح أنها تحولت إلى مأزق للرئيس الفلسطيني محمود عبّاس، بعدما بات واضحاً أنه سيواجه بالرفض في مجلس الأمن الدولي، سواء عبر الفيتو الأميركي أو عبر عدم تأمين الأصوات التسعة المطلوبة لنيل الاعتراف. مخرج من المؤكّد أنه سيكون محبطاً لأكثر من أربعة ملايين فلسطيني، في الداخل والشتات، يترقبون على أحر من الجمر ولادة كيان دولتهم، ولا سيما أنهم انساقوا بجدية خلف خيار أبو مازن، الذي سبق أن جرّ الشعب إلى متاهة المفاوضات، التي لا يزال متمسكاً بها، غير أنه أوصلهم إلى طريق مسدود. وها هو اليوم يقود الشعب إلى خيار «الاعتراف بالدولة»، غير أنه بات في مواجهة طريق مسدود أيضاً يبحث عن مخرج منه.
كثير من المراقبين لم يكونوا مقتنعين بفكرة أبو مازن في التوجه إلى الأمم المتحدة، وكانوا يرون فيها مناورة لتحسين شروط التفاوض، ومع بدء ظهور المخارج، تحققت القناعة بأن الأمر لا يعدو عن خديعة بدأت اللمسات الأخيرة لسيناريوهاتها تُرسم في نيويورك. سيناريو يقوم على «إيفاء» عباس بوعده بتقديم الطلب إلى الأمم المتحدة. أما اليوم التالي لتقديم الطلب فهو شيء آخر تماماً، ولاسيما مع ظهور مبادرة الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي التي ستطيل فترة الانتظار الفلسطيني لعام آخر، وبدء اللجنة الرباعية الدولية ببلورة بيان يرضي الطرفين ويعيدهما إلى طاولة المفاوضات.
وعلى هذا الأساس فإن لا دولة قريبة في الأفق، وعلى الشعب الفلسطيني المتحمّس لاستقلاله المضي في الانتظار، فدور فلسطين لم يحن بعد.