- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

هل بدأ التحوّل الفرنسي تجاه سوريا؟

باريس ــ بسّام الطيارة

هل بدأت باريس بتغيير سياسيتها تجاه الملف السوري، بعدما أثبت النظام في دمشق «قدرته على الصمود»، وبعدما بانت الخلافات في المعارضات السورية، وخصوصاً في مجلس الوطني السوري بعد انشقاق أحد أبرز وجوهه؟

الإجابة على حقيقة الموقف الفرنسي يجب اخذها من طيات إجابات وزير الخارجية الفرنسي، ‫ألآن جوبيه، في حديث لصحيفة “لوموند” الفرنسية، ويجب قراءة المقابلة الطويلة جداً بتأن وتمعن وعدم الاعتماد على «الترجمات السطحية» لبعض المواقع أو الترجمات «الخفيفة والمقتتطعة». إذ أنه في حال تأكد هذا التحول في الدبلوماسية الفرنسية عشية انتخابات رئاسية مهمة جداً في فرنسا، فإن ذلك يعني انحرافاً عن مسلك دعم الثورة السورية للدخول في متاهات «الواقعية السياسية» وموازين القوى بحيث يمكن أن يعبر الربيع العربي دون طرق باب بلاد الأمويين.

‫رداً على سؤال، استبعد  جوبيه «التدخل العسكري حالياً في سوريا»، وأوضح أن أي قرار يصدر عن مجلس الأمن الدولي بشأن سوريا «يجب أن يذهب أبعد من الدعوة إلى وقف إطلاق النار ليحث على التغيير السياسي». كما أشار إلى أن «على الرئيس بشار الأسد اتخاذ إجراءات من جانبه لوقف العنف».

 وبعد أن دار حول «الطبق الأساسي» وتحدث عن إمكانيات التدخل الممكنة من قبل مجلس الأمن، أعرب جوبيه عن اعتقاده بأنه حصل «تطور طفيف» في موقف روسيا التي هي أشد المعارضين للنداءات بتغيير النظام في سوريا. واستشهد بتصريحات نظيره الروسي سيرغي لافروف، إلا أنه أضاف «حتى الآن لم يظهر حقيقة أي تغيير ملموس في موقف موسكو حيال مشروع قرار أممي في شأن سوريا».

 ودخل في سياق «المقبلات» لتحضير التغيير الذي يستعد للتلميح له بقوله إن «الوضع في سوريا يختلف كثيرا عما كان عليه في ليبيا». وعزا السبب إلى «أن المعارضة السورية في الداخل والخارج لا تزال ممزقة». وقال «إننا نبذل جهوداً لإقناع المعارضين بالالتفاف والتوحد حول المجلس الوطني السوري». وأضاف “ونطالبهم بأن يكونوا أكثر إشراكية للانفتاح على المسيحيين والعلويين». وأنهى بالقول «إنهم لا ينجحون كفاية في ذلك».

وجاء «الطبق الأساسي» مباشرة بعد الحديث عن انقسامات المعارضة، ولأول مرة كشف جوبيه عما يمكن اعتباره تراجعاً في الموقف الفرنسي، إذ قال في حديثه «إن خطة الجامعة العربية لا تطرح تصوراً لرحيل بشار الأسد». وشرح بأن المطلوب هو «وضعه جانباً وبشكل أدق تكليف نائبه بالتفاوض وبدء عملية الانتقال». وشدد على أن هذا «هو الحد الأدنى فعلاً».

(Le plan de la Ligue arabe ne prévoit pas le départ de Bachar Al-Assad du pouvoir. C’est sa mise à l’écart, et plus exactement, la désignation de son vice-président pour négocier et engager la transition)

ويمكن اعتبار ذلك تراجعاً من قبل باريس التي كانت، مثلها مثل المجلس الوطني السوري، تضع تنحية بشار الأسد كشرط أساسي لأي حل. وقد اعترف جوبيه مواربة بهذا التراجع بقوله «يوجد مأزق حقيقي». وتساءل «هل يمكننا أن نجمد قراراً أممياً ذو تبعات إنسانية من دون أي بعد سياسي ونخاطر باستمرار المجازر؟ أم يجب القبول بحل وسطي لا فخر فيه يمكن أن يبقي النظام (السوري)؟» وتابع «إن حل المسألة صعب جداً. ولهذا توجد ضغوط كبيرة في مجلس الأمن».

وجاء رده على سؤال ما إذا كان فرنسا ترفض «أنصاف الحلول» وكأنه تأكيد على ذلك التراجع، فقال: «لدي خطان أحمران: الأول لا أستطيع أن أقبل وضع الجلاد والضحايا في نفس مستوى المسؤولية. يجب أن تأتي مبادرة وقف النار من النظام. أما الخط الأحمر الثاني: لا نستطيع أن نقبل بمجرد قرار إنساني ووقف إطلاق النار، يجب أن تكون هناك إشارة إلى تسوية سياسية تقوم على مبادرة جامعة الدول العربية».

أما بشأن «قدرة النظام على المقاومة»، فقد اعترف جوبيه بأن الجميع «أساء تقدير هذه القدرة». وأضاف «اعتقدنا أن عدد الضباط المشنقين سوف يكون أكبر». ولكنه أشار إلى أن النظام «لا يتردد أمام أي نوع بربرية» وأن «عائلات السفراء وقيادات الجيش السوري هم رهائن ويتعرضون للتهديد في حصول انشقاقات». وأنهى «لا بد أننا أخطأنا بتقدير قدرة النظام وكذلك أخطأنا بالنسبة لشخصية بشار الأسد».

ويبرز موقف فرنسا من عدم الرغبة بتسليح المعارضة السورية مستنداً إلى أن «عملية التسليح من شأنها أن تخلق نوعا من التصعيد العسكري وترمي البلاد في أتون حرب أهلية».

 وعلى باريس أن تنتبه كثيراً إلى وضع الأقليات وخصوصاً المسيحية وقد تطرق جوبيه إلى موقف الطوائف المسيحية، فقال «يحزنني أن أرى استمرار انحياز المسيحيين الكاثوليك والأرثوذكس للأسد». إلا أنه أعلن تفهمه «لقلق المسيحيين». إلا أنه شدد على أن «مستقبلهم سيكون أفضل في سوريا ديموقراطية».