- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

النظام العقرب!

زكريا الكمالي*
تُصنّف الأنظمة بأنها ديموقراطية، ملكية، إقطاعية، وجمهورية. إلا أن النظام اليمني يثبت يوماً بعد أخر أنه استثناء، ويقف لوحده في عالم “الأنظمة اللافقارية”.
هذا النظام عقرب. وباستمرار يبرهن أنه كذلك. سام، ولا يوجد من هو أكثر سمّية من نظام صالح. يعشق العيش في الجحور نهاراً، والبحث عن فرائس ليلاً، وهذه واحدة من شواهد القصف الليلي العشوائي على الأحياء السكنية في تعز وصنعاء وأرحب.
هذا النظام عقرب. لا يرى ما تجري من أنهار دم في المدن، لأن رؤيته ضعيفة كالعقارب. لا يسمع ما تدوّيه المدن اليمنية من هتافات مطالبة برحيله، ولا ما تطلقه حناجر النساء والأطفال المقصوفين من صرخات دامية، لأنه أصم مثل تلك العقارب التي تعيش منفردة، ولا تعتمد سوى على  ذبذبات،  للبحث عن فرائس.
هذا النظام عقرب. سينتحر في النهاية عندما يشاهد نفسه مخنوقاً بأصابع شعب، مثل العقارب التي تقتل نفسها عندما تحاصرها النيران، وتقوم بتوجيه لدغة قاتلها من ذيلها لحياتها، والسفاحون غالباً ما يقتلون أنفسهم في نهاية المطاف.
الأحد الفائت كان الرئيس صالح يطلق رصاصة الخلاص الى حنجرته، في الوقت الذي كانت قواته تحصد أرواح عشرات الشباب، وترتكب مجزرة إضافية لمجازره الدامية. الجهل يقتل مثل البارود، ولا أحد يضاهي النظام اليمني  في احتياطي هاتين الذخيرتين.
صالح يعزّي بوفاة خالد جمال عبد الناصر. هكذا نقل الإعلام الرسمي لنا خبراً ظريفاً في ليلة حزينة.
التعزية في مآسي دليل على إنسانية باعثها، إلا تلك التعزية، التي لا تمت له بصلة ، وبإرسالها , كان الرئيس يرتكب مجزرة بنفسه. اقرأوا ما قالته التعزية التي بعثها “الأخ الرئيس” إلى  عبد الحكيم جمال عبد الناصر وإخوانه وكافة أفراد أسرة الزعيم الخالد جمال عبد الناصر في وفاة المغفور له خالد جمال عبد الناصر (الذي انتقل إلى جوار ربه بعد حياة حافلة بالنضال والبذل والتضحية من اجل مصر والأمة العربية سيرا على خطى والده الذي نذر نفسه لخدمة الأمة العربية، ودعم حركات التحرر الوطني والانتصار للقضايا القومية العادلة).
ما بين القوسين مجزرة مكتملة الجوانب، ارتكبها الرئيس بنفسه وبحق نجله العميد احمد، قائد الحرس الجمهوري.
“الزعيم الخالد”، عبارة لا أعتقد أن نطقها سهل بالنسبة لزعماء دمويين قتلوا شعوبهم، وخلدوا أسماءهم في نهاية المشوار كجلادين لا زعماء، ومع ذلك ذكرها الرئيس، ويدرك انه لن ينالها.
بالتأكيد شاهد صالح ونجله أحمد جنازة خالد عبد الناصر، وشاهدوا  الملايين تبكيه، وتتذكر والده. سمعوا الناس يهتفون في جنازته “يا خالد قول لأبوك أن الناس بيحبوك ” .بماذا حدثوا أنفسهم ساعتها؟
خالد عبد الناصر كان رئيسا لخلية عملت على اغتيال الدبلوماسيين الإسرائيليين في القاهرة في ثمانينيات القرن الماضي،  وأحمد صالح رئيسا لخلية تعمل على اغتيال اليمنيين. فرق شاسع بين هذا وذاك.
لا يمكن أن تكون جنازة خالد جمال عبد الناصر، الذي سمّى ألاف الآباء  في اليمن أبناءهم باسمه، مرت على نجل صالح كما مرت علينا نحن. أريد أن أعرف شعوره وهو يشاهد المشيعين في الجنازة يوزعون صور خالد ووالده، بعدما  كتبوا عليها: «وداعاً يا بطل يا ابن البطل».
ان لم يكونوا قد شاهدوا، فعليهم أن يعرفوا الآن، حتى يعوا أهمية الفوز بحب شعب حكمته يوما. الشعوب لا تجحد، وشعب مصر العظيم لايزال يتذكر قائد عظيم ترك هو ونجله بصمات جميلة لن يمحوها الزمن، وليس نتوءات وجروح لن تداويها السنوات الطوال. عقارب، والعقارب لا تحسب حساب الغد.
‎صحافي يمني
alkamaliz@hotmail.com