- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

«باي باي» احمدي نجاد

نجاة شرف الدين

كان لافتا المشهد الايراني في البرلمان، ان يقف الرئيس محمود احمدي نجاد امام مجلس نواب جديد لم يمض على انتخابه اكثر من أسبوعين، في الرابع عشر من اذار، لمساءلته عن الأوضاع الاقتصادية والسياسية، وما كان لافتاً ايضاً هي اللغة التهكمية وفي بعض الاحيان الساخرة في رده على عشرة أسئلة وجهت اليه في شأن عدم احترامه القوانين، خلال خمسة عشر دقيقة، وهو رد بساعة واحدة، بقوله مازحا، إن الأسئلة لم تكن معقدة ويستحق علامة ٢٠ على ٢٠ والا سيعتبر ذلك ظلماً.
من الواضح ان هذه الجولة في المعركة، التي كانت ملامحها بدأت منذ ما بعد التجديد لولاية نجاد الرئاسية عام ٢٠٠٩ وما رافقها من تحركات احتجاجية إصلاحية، كانت القاضية على الحلم النجادي، الذي راود الرئيس الايراني، بالابتعاد عن المرشد الاعلى، وتكوين حالة سياسية  تعتمد بالدرجة الاولى على شعبية نجاد وقربه من الناس، اضافة الى الاستفادة من موقعه الرئاسي، لتعيين بعض الشخصيات المقربة منه في مواقع مساندة داخل مؤسسات الدولة،  ناسيا او متناسيا، موقعه الآتي اليه بتوقيع من آية الله علي خامنئي.
وعلى الرغم من الاهتمام الكبير الذي حظي به نجاد منذ انتخابه لدى الاعلام العربي والدولي، وفي المواقع الدولية، خاصة خطاباته في الامم المتحدة ولقاءاته في الولايات المتحدة، الا ان التحولات الداخلية التي حصلت من لحظة الانتخابات البرلمانية والتي شكلت الهزيمة الفعلية لنجاد التي وصلت الى عقر داره، مع خسارة شقيقته بارفن احمدي نجاد في قريته غارمسار، وصولا الى مشهد المساءلة في البرلمان، لم تستحوذ على تغطية فعلية من الصحافة، ولا سيما الغربية، التي أجمعت على اعتبار ما حصل انتصاراً لفريق المحافظين المتشددين، في ظل غياب اي شخصيات إصلاحية على الساحة الإيرانية، وبمشاركة إيرانية واسعة في الاقتراع حيث تجاوز عددالمقترعين ٤٨ مليونا اي ما نسبته ٦٤ في المئة بزيادة قدرها ١٣ في المئة عن الانتخابات الماضية، ما يعطي المزيد من المشروعية للتمثيل النيابي، وخاصة ان خامنئي اعتبر «ان الاقتراع مسؤولية دينية مثل الصلاة»، مشيرا الى انه «كلما زاد العداء لإيران ، كلما زادت اهمية الانتخابات».
بالطبع لن تكون فترة الثمانية عشر شهرا الباقية من ولاية نجاد الرئاسية سهلة، وربما ستصل المرحلة النجادية الى خواتيمها من دون ان تترك لمساتها في تاريخ  السياسة الإيرانية، انما السؤال يبقى كيف يمكن ان ينعكس الإمساك بالسلطة من الخامنئية على المواجهة مع الغرب، وخاصة بالنسبة للبرنامج النووي الايراني؟ وهل توحيد الموقف الداخلي الايراني وأخذ المشروعية الشعبية عبر الانتخابات ممكن ان يؤدي الى الاقتراب من الحل الدبلوماسي ام الى الابتعاد عنه باتجاه المواجهة العسكرية؟