تعيش فرنسا حالة قلق كبرى بعد أن امتدت عمليات قتل «سفاح السكوتر» في الجنوب الفرنسي إلى أولاد المدارس، إذ أنه بعد قتل ثلاث جنود وجرح جندي رابع قتل في مطلع الاسبوع أربعة اشخاص بينهم ثلاثة اطفال أمام مدرسة «أوزار هاتورا» التابعة للطائفة اليهودي في تولوز (جنوب غرب)، ما سبب موجة استياء عميقة ورعب انعكست أيضاً على حملة الانتخابات الرئاسية قادت إلى تعليق المرشحين برامجهم.
وأعلنت وزارة الداخلية تشديد إجراءات الأمن ورفعها درجة الاستنفار إلى «أحمر» وهي أعلى درجات الاستنفار التي تسمح للمحافظين بمنع التجمعات وإلغاء الاحتفالات وصولاً إلى حظر التجول. وشدد الاجراءات في في محيط المدارس والمؤسسات الدينية خصوصاً اليهودية منها بعد أن كشف بيان من الشرطة أن رسالتي تهديد وصلتا إلى كنيسين في العاصمة تقول بأن «الجحيم في انتظار اليهود».
ووصف الرئيس نيكولا ساركوزي خلال تفقد موقع الحادث في المدينة ما حصل بأنه «مأساة وطنية» وشدد على أن من قتل «أولادنا لن يبقى من دون عقاب» ورافقه في زيارة مواساة ذوي الضحايا وزير الداخلية كلود غيان ووزير التعليم لوك شاتيل وجيرار براسكييه رئيس المجلس التمثيلي للمؤسسات اليهودية.
كذلك فعل فرانسوا هولاند المرشح الأشتراكي لانتخابات الرئاسة الذي الغى أيضاً مثله مثل كل المرشحين نشاطه الانتخابي، ووصف الحادث بأنه «عمل مقيت معادٍ للسامية». اما مرشحة اليمين المتطرف مارين لوبن فقالت: «في مثل هذه اللحظات لا توجد السياسة ولا حملة انتخابية ولا يمين أو يسار»
وندد ممثلو جميع الطوائف بالاعتداء في حين ابدى رئيس المجلس الفرنسي للمسلمين محمد موسوي شعوره «بهول العمل الأجرامي الذي لا يوصف» وأكد تضامن مسلمي فرنسا مع ابناء الجالية اليهودية.
وأدان كبير المفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات «بشدة كل أعمال الارهاب وخاصة حادث اليوم الارهابي في تولوز في فرنسا والذي راح ضحيته أطفال يهود». وأضاف انه «عمل إرهابي بكل المقاييس ونحن على الدوام ضد الارهاب الذي يستهدف المدنيين الابرياء». وتابع قائلا «نتقدم لذوي الضحايا وللشعب الفرنسي بأشد عبارات الادانة ضد هذا الحادث ونتقدم لهم ولعائلاتهم بالعزاء».
وفي اسرائيل أدان رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو الحادث ووصفه بـ«الدنيء»، وقال أمام أعضاء حزب «الليكود»: «لا يزال الوقت مبكراً لتحديد الدوافع، لكننا لا نستطيع استبعاد ارتباطه بمعاداة عنيفة وقاتلة للسامية».
وعزز ترجيح ارتكاب شخص واحد الاعتداء على المعهد وقتله ثلاثة مظليين من أصل مغاربي في المنطقة ذاتها في ١١ ١٥ من الشهر الجاري، استخدام سلاح واحد في تنفيذ الهجمات الثلاثة.
وقد يجعل الاعتداء من مسألة الأمن أحد الملفات الساخنة في الحملة الانتخابية الآتية، إلا أن استهداف الجالية اليهودية بعد استهداف جنود من أصول مغاربية يشير إلى أن من يقف وراء عمليات القتل (فرداً أو مجموعة) يذهب في توجه «يميني متطرف» وفي مسار الطروحات التي تنتقض ارتفاع معدلات الهجرة وتجنيس المهاجرين وتشكل أساسي دوي الأصول العربية والمسلمين إلى جانب طروحات «لاسامية» تظل مكتومة بسبب القوانين التي تجرم أي طرح يحمل بعض من اللاسامية.
ويجب التذكير بأنه خلال انتخابات عام ٢٠٠٢ قاد اعتداء مراهقين على رجل مسن في مدينة «أورليان» (Orléans) وسط فرنسا إلى أقصاء المرشح الاشتراكي ليونيل جوسبان من الجولة الأولى للسباق ووصول مرشحي اليمين (جاك شيراك وجان ماري لوبن). إلا أن الاعتداء آنذاك كان في ظل الحديث عن «العنف في الضواحي» وكانت الضحية «فرنسية الأصول» بينما تأتي الاعتداءات اليوم لتستهدف من يستهدفهم اليمين المتطرف في أدبياته اليومية.
