تجمع آلاف المصلين المسيحيين وأعضاء بارزين في المجتمع المدني المصري في قاعة كاتدرائية القديس مرقس في القاهرة والشوارع المحيطة بها، يوم الثلاثاء، لحضور جنازة البابا شنودة الثالث، الذي قيل عنه في كثير من الاحيان إنه كان “زعيماً محافظاً ومثيراً للجدل”.
في هذا السياق، نشرت صحيفة الـ”تايم” تقريراً اعتبرت فيه أن وفاة البابا شنودة “تأتي في وقت حرج بالنسبة للأقلية القبطية المسيحية في مصر”، التي تصل نسبتها الى ما يقرب من 5٪ إلى 10٪ من أصل 85 مليون نسمة في البلاد.
وأوضحت الصحيفة أن المسيحيين في مصر “يشعرون بقلق متزايد منذ العام الماضي”، مع اندلاع الانتفاضة الشعبية التي أطاحت بالرئيس حسني مبارك وأسفرت عن تشكيل حكومة جديدة يهيمن عليها الاسلاميون. ولفتت الـ”تايم” انه على الرغم من أن مبارك لم يفعل شيئاً يذكر لوقف التمييز الديني أو التوترات الطائفية المتزايدة خلال حكمه على مر السنين، إلا أن “حوادث العنف الطائفي ارتفعت بشكل كبير منذ بدء الانتفاضة،إضافة إلى ارتفاع عدد الفصائل الإسلامية المتطرفة، والفراغ الأمني الذي خلفه تراجع قوات أمن مبارك”.
ونقلت الصحيفة عن مارك مرقس، مهندس عاطل عن العمل في القاهرة، قوله: “نحن قلقون جداً، مستقبلنا غامض من دون البابا شنودة، والآن نحن ندخل في المجهول”. وأضاف: “منذ فترة طويلة، وهم يعاملوننا كما يعاملون الأطفال. فيقولون لنا انه لا يمكننا بناء كنيسة من دون طلب الإذن، وإذا فعلنا ذلك، يحرقونها ويأتون بالسيوف لقطع آذاننا”.
وقال مرقس: “على الاقل عندما كان الرئيس مبارك، كنا نعرف من هو الشيطان”، لكن الآن “نحن لا نعرف كيف سيكون الرئيس القادم، ونريد البابا الذي يمكن أن يقف أمام الرئيس المقبل يقول له: هذا التعاطي الطائفي غير مقبول”.
لكن الصحيفة رصدت ما يمكن ان نسميه “اعترافاً واضحاً بإدراك القلق المسيحي المتزايد”، إذ انضم قادة جماعة الإخوان المسلمين التي تهيمن على البرلمان الجديد في مصر، إلى الأساقفة والكهنة الأقباط، والجهات الفاعلة الشهيرة، والمرشحين للرئاسة وضباط الجيش وكبار الشخصيات الأجنبية لحضور جنازة تشييع البابا شنودة يوم الثلاثاء، مذكرة أن جماعة الاخوان المسلمين والاسلاميين البارزين أصدروا بيانات التعازي، في حين أعلن رئيس المجلس العسكري الحاكم حالة الحداد الوطني.
وأشارت الـ”تايم” إلى أن اختيار البابا الجديد قد يستغرق شهوراً، حتى يجتمع مجلس الكنيسة وأعضاء بارزين في الجالية القبطية تلبية لاختيار مرشح جدير. وأردفت أنه “في الماضي، تم اختيار البابا بعد أن ضيّق المسيحيون النافذين وقادة الكنيسة الاحتمالات إلى ثلاثة: كانت الأسماء مكتوبة على ثلاث قطع من الأوراق، ويختار طفل واحدة منها عشوائياً”.
وتشترط الكنيسة أن يكون البابا مصرياً بالولادة، وعمره ما لا يقل عن 50 سنة، وعمل كراهب ما لا يقل عن 15 عاماً. وعادة يقوم رئيس الحكومة بالتوقيع على قرار انتخاب البابا القبطي، وفي هذه الحالة، رئيس المجلس العسكري الحاكم في مصر.
وفيما ينتظر المسيحيون في مصر اختيار زعيمهم الروحي الجديد بفارغ الصبر، تقول ميرفت مرقس للصحيفة، وهي ربة منزل من حي امبابة الفقير في القاهرة، الذي شهد أحد أسوأ الاشتباكات الطائفية: “البابا يدافع عن حقوقنا، وكان الوحيد الذي وقف في وجه المجلس العسكري وطلب منهم أن يتوقفوا عن قتل أطفالنا”. وأضافت: “على البابا الجديد أن يعرف أنه، أيضاً، مسؤول عن حمايتنا من المتطرفين”.