- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

“المؤامرة” الفلسطينية

حسام كنفاني
بعدما كانت المصالحة الفلسطينية بحاجة إلى وقود للتقدّم خطوات إلى الأمام، ها هي أزمة الوقود في غزّة تأتي لتعيد الأمور إلى المربع الاول، وربما صفر، بعد التصريحات النارية التي أطلقها أعضاء الحركتين لتحميل الطرف الآخر مسؤولية الكارثة التي كان قطاع غزة، ولا يزال، على شفيرها. أزمة كان من المفترض أن تجعل الطرفين الفلسطينيين على قلب رجل واحد لمحاولة إيجاد مخرج، والتأكيد للشارع، الذي سئم الانقسام، أن ما تم انجازه لم يكن حبراً على ورق، بل له جذور قابلة للامتداد في قلب الزمن القادم.
لكن الأمور لم تكن على هذا النحو، بل العكس تماماً. وجاءت الأزمة لتؤكد ما كان يتداوله الشارع الفلسطيني منذ مشهد لقاءات خالد مشعل ومحمود عباس في القاهرة والدوحة. الشارع كان متأكداً أن العناق والابتسام لم يكن إلا للكاميرات وأن شيئاً لن يتغير في واقع الانقسام الفلسطيني المتجذّر منذ أكثر من ست سنوات. قناعة الشارع ازدادت ترسّخاً خلال الأيام القليلة الماضية وهو يرى ويسمع التراشق الإعلامي، الذي كان آخره يوم الجمعة بتصريحات القيادي في «حماس»، خليل الحية، عن «المؤامرة» على قطاع غزة المحاكة من السلطة وإسرائيل وأطراف أخرى في المنطقة. حديث «المؤامرة»، الذي ردت عليه «فتح» بتهكّم وسخرية، يعطي صورة عن حال «المصالحة الفلسطينية» التي لم تخرج من محطتها بالأساس، ولا تزال في المربع السابق للقاء القاهرة الأول بين محمود عباس وخالد مشعل، واحتفالية التوقيع الصاخبة التي لم ينفّذ منها أي بند إلى اليوم.
قد تكون أزمة الوقود التي عاشها قطاع غزة ضرورية لكشف حال «التكاذب» الذي كان يعيش عليه الفلسطينيون بانتظار «فجر المصالحة». تكاذب على الداخل والخارج يفترض أن يكون انتهى لتكون الأمور واضحة وجليّة للجميع بأن الوضع اعقد من أن تُحل بلقاء أو توقيع ورقة واتفاقية لا تسمن ولا تغني من جوع، فيما الأطراف لا تزال متمترسة حول مواقفها السياسية ومطالبها الفئوية.
أزمة وقود غزة، ورغم المعاناة التي عاشها القطاع، إلا أنها كانت واجبة لبدء البحث من جديد في ملف المصالحة، ووضع الأمور في نصابها الصحيح. نصاب يؤكد ان المصالحة لم تنطلق بعد، وأن الانقسام لا يزال في أفضل أحواله. ومن لا يصدق فليراجع تصريحات القياديين الحمساوي خليل الحية والفتحاوي أحمد عساف حول نظريّة المؤامرة حول الوقود.
من المؤكد ان نظرية المؤامرة حقيقية، لكنها مؤامرة داخليّة من الطرفين الفلسطينيين على الشعب الفلسطيني، الذي لا بد أن يأتي ربيعه.