- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

هكذا راوغ محمد مراح الشرطة الفرنسيّة

باريس- بسّام الطيارة

كيف استطاع «سفاح تولوز» محمد مراح أن يخدع الأجهزة الأمنية الفرنسية؟ سؤال اقتحم ساحة الحملة الانتخابية الفرنسية بقوة. إيفا جولي، مرشحة الخضر، تطالب برأس مدير الشرطة ومدير الأمن الأمن القومي. مارين لوبن، مرشحة اليمين المتطرف، تقول إن الدولة «فشلت»، الحزب الاشتراكي يطالب بإعادة النظر في مبدأ دمج أحهزة المخابرات الداخلية والخارجية الذي قام به نيكولا ساركوزي فور وصوله إلى الإليزيه. حزب الرئيس المرشح يسلط الضوء على حزم قوات كوماندوس الشرطة في «إنهاء العملية» وقتل الجاني، إلا أن عدداً متزايداً في صفوفه يرى «أن مراح مر عبر ثقوب شبكة المراقبة» وبالتالي فإن «أموراً عديدة يجب إعادة النظر فيها».
«أخبار بووم» اطلعت على تفاصيل الملاحقة التي كان يخضع لها بحمد مراح منذ سنوات، ومنذ شهر كانون الأول عام ٢٠١٠ بالتحديد.
يقول مصدر مقرب من التحقيقات إن مراح خضع لما يزيد عن «١٢٠٠ ساعة مراقبة عملية مقربة»، وتشمل هذه العمليات «متابعة وتنصت ومراقبة محيطه وأصدقائه وتسجيلات فيديو وأخذ صورة مع كل من يلتقي بهم»، أي أن جهاز المخابرات كان يهتم به وبمن يلتقي بهم والأماكن التي كان يرتادها. وقد تم وضع اسمه على «اللائحة الخاصة بالأشخاص الخطرين»، أي أن كل حركاته مسجلة ومحفوظة في أرشيف مكتب محاربة الإرهاب.
ولكن فجأة اختفى مراح!
وفيما كانت أجهزة الشرطة تحاول أن تعرف مصيره إذ به يتصل من باكستان «ليطمئن» الشرطة على أنه سوف يعود قريباً إلى البلاد. وبالفعل ما أن عاد حتى اتصل برجال الشرطة ليقول أنه «حاضر لمقابلتهم». فتم تحديد موعد في ٢٢ تشرين الثاني عام ٢٠١١ في تولوز حضره مفتش في المخابرات الداخلية (الأمن القومي) ومفتش مختص بالحركات الإسلامية الإرهابية جاء خصيصاً الإدارة العامة في باريس. وبعد ساعات من الاستجوابات، وصف مراح لهما بأنها «رحلات سياحية» مرتين إلى أفغانستان ومرة إلى باكستان (ولم يأت على ذكر رحلته إلى الأرضي الفلسطينية). عندما سئل عن مصدر المال لكل هذا المصروف وهذه السفرات، لم يتردد مراح بالاعتراف لهم بأنها «مردود بعض الزعرنات والسرقات الصغيرة»، ما يدل على معرفة تامة بالقوانين وبوظائف من يستجوبه الذي لا يهتم بالجنح الصغيرة ويغض النظر عن كل ما لا يدخل في إطار الإرهاب. يضاف إلى ذلك أن مراح كان قد سجل هاتفه الخليوي باسم والدته بحيث منع ذلك الشرطة من التنصت على المكالمات لأن إذن التنصت صادر باسم الابن وليس الأم.
وقد خرج تقرير المفتشين صحيحاً من الناحية دراسة نفسية محمد مراح، فقد وصفه التقرير بأنه «خبيث وصلف وخطر». ولكنه فشل من ناحية استشفاف هذ الخطورة، فقد جاء في التقرير أنه «غريب الأطوار» وأنه مثل كل «زعران الضواحي» يهتم بالسرقات والاختلاسات الصغيرة ويخرج عن القانون عندما تسنح له الفرصة وهو «كل شيء من هذا لكنه ليس جهادي». وزاد من صعوبة تأطير شخصية مراح أنه بخلاف أخيه عبد القادر، فهو لا يتردد على المساجد أو أماكن العبادة، ولا هو يزور مواقع أنترنيت الجهادية. وجاءت تقارير الشرطة «المحلية» أنه قبض عليه عدة مرات بسبب «روديو سيارات»، وهي من الهوايات المفضلة لدى شباب الضواحي حين يسرقون سيارة ويبدأون بقيادتها بجنون في ساحات الضاحية.
كل هذا أكد أنه «أزعر فقط لا غير».
هذه المعطيات التي تتكشف يومياً تزيد من هلع المواطنين الفرنسيين إذ أنها تفيد بإمكان الإفلات من شباك المراقبة بواسطة حجج بسيطة كأن تقول «ذهبت إلى أفغانستان للسياحة».
يتفق بعض الخبراء على ضرورة «تحسين العمل المخابراتي” وتحسين نوعية الأخصائيين، إذ لا يكفي أن تتكلم لغة الضاد لتصبح خبيراً في الجهاد العالمي الإسلامي. هذه المرة ذهب ٧ أبرياء ضحية هذا الهجوم الإرهابي، ولكن ماذا لو لم يقرر محمد مراح «الانتحار بالهجوم على الكوماندوس»؟ وتابع مسيرته كما اعترف لمحاوريه عندما قال لهم «أعرف أني كنت مراقباً»، ووصف لهم السيارات التي كانت تراقبه وأرقامها، ومع ذلك قرر البقاء في شقته.
لقد أكدت جولة مراح الإرهابية إمكانية الإفلات من الشبكة في حال توفرت الإرادة. الخوف الأكبر أن يحمل الإرهابي المقبل سلاحاً يسبب موتاً أكثر عنفاً وأكثر إرهابية.