- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

“لوّن جدار شارعك”: صرخة فنية ضد السياسة على جدارن صنعاء

جمانة فرحات
حتى ما قبل الخامس عشر من شهر آذار/ مارس الحالي، كانت جدران العاصمة اليمنية صنعاء مليئة بالشعارات السياسية المتضادة وصور القيادات الحزبية، من وحي الاحتجاجات التي عايشها اليمنيون عاماً كاملاً للمطالبة برحيل الرئيس السابق علي عبد الله صالح، قبل أن يرضخ “الراقص على رؤوس الثعابين”  ويمضي في تنفيذ المبادرة الخليجية ليتحول بموجبها إلى رئيس سابق.
لكن الخامس عشر من الشهر الجاري حمل معه تغييراً، لتكتسي الجدران بحلة جديدة عبارة عن جداريات هدفت لتجميل الشوراع ونشر ثقافة التسامح بعيداً عن العنف الذي مارسه نظام صالح على مدى أشهر الاحتجاجات متسبباً في وقوع عدد من الضحايا الأبرياء الذين لم يخرجوا إلاّ طلباً للحرية.
مبادرة “لوّن جدار شارعك” التي أطلقها الرسام اليمني، مراد سبيع، سرعان ما لقيت رواجاً بعدما نجح الرسام الشاب في اضفاء لمسة خاصة على عدد من الجدران التي كانت حتى وقت قريب لا تفوح منها إلاّ رائحة البارود والدم.
نقطة البداية كانت من جدار مؤسسة الأشغال والطرق “عند جسر كنتاكي نظراً لأن المكان يقع في المنطقة الفاصلة بين الأمن المركزي والفرقة أولى مدرع لتنتقل في ما بعد إلى عدد من الشوارع”. الرسام الشاب مراد سبيع  تحدث لـ”أخبار بووم” عن أهداف مبادرته “لوّن جدار شارعك”، مشيراً الى أن الفكرة أطلقها في 15 آذار/ مارس “باعتبار الفن متنفساً، وأنا سئمت السياسة وهذه الفكرة عبارة عن احتجاجي ضد السياسة”. ويؤكد سبيع أن “الحياة ليست كلها سياسة بل هناك أمور جمالية يجب أن نلتفت إليها وأن لا ننساها أو نهمشها”.
سبيع يؤكد كذلك أن الجداريات التي يرسمها في شوارع صنعاء “عبارة عن معرض مفتوح للجميع وهذا يكسر القاعدة الروتينية التي تجعل من الفن محصور على الصالات المغلقة والمعارض”، مبدياً ارتياحه لأن مبادرته “وجدت حيزاً في مكان لا يوجد فيه حيز للفن”.
وفي تقييمه للتجاوب الذي لاقته مبادرته، لفت سبيع إلى أنه “عندما بدأت كانت التعليقات بالتناصف بين مؤيد ومستخف ومستهزء”. ويضيف “الآن ولكي أكون منصفاً قد أصبحت التعليقات بشكل غالب مؤيدة، ومرحبة لشيء جديد عليها”، وهو ما دفعه للقول “التجاوب جميل. وهذا أكبر دليل أن الناس تحب هذا النوع من الفن وأنها تريد الخروج من حالة الركود الفكري وأن تجد متنفساً لكي تخرج من السياسة إلى الفن”.
لهذه الأسباب، يتحدث سبيع عن رغبته في تطوير مبادرته ومحاولة نقلها إلى باقي المدن اليمنية على الرغم من تواضع الامكانيات البشرية والمادية، من دون أن ينسى التذكير بأن بعض الشباب قدم له يد العون إلى جانب الناشطة الحقوقية وميض شاكر وهي زوجة أخيه. أما عن السعي للحصول على دعم من المنظمات الأهلية اليمنية، فيقول سبيع أن «أنا لا أرفض بشكل قاطع دعم المنظمات بل أرحب به طالما كان هذا الدعم لا يشترط إفراغ الفكرة من مضمونها كمبادرة فردية تكمن أهميتها في شعبيتها وليست مؤطرة بإطار وقيادة أي من المنظمات». ويضيف «هذه الفكرة تبقى مفتوحة للجميع للمشاركة والدعم بدون أطر أو شروط محددة».