- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

‫الديبلوماسية وفقط الديبلوماسية أداة سياسة فرنسا تجاه سوريا‬

هارولد هيمان‬
‫منذ حوالي عشرة أيام والديبلوماسية الفرنسية تجاه سوريا تأخذ منحنى جديد يتمثل بإنهاء النظام بواسطة «ردع ديبلوماسي».‬
‫في أروقة الديبلوماسية الفرنسية والأميركية في نيويورك لا يتوقف الجهد الدؤوب لجلب الديبلوماسية الروسية للالتحاق بموقف الـ«ثلاثي» البريطاني والأميركي والفرنسي، الملتحق أصلاً بالمعارضة السورية.‬
تغيير في موقف الثلاثي‬
‫عندما لم  ينهار  نظام الأسد مع تواصل التظاهرات بات الخيار بين ثورة مسلحة يقودها الجيش لسوري الحر بين وسائل أخرى. وقد قررت الديبلوماسية الفرنسية أن تتبع الوسائل الأخرى المتمثلة بضغوط دولية وعقوبات وتنديد والتلويح بإمكانية تحويل الملف إلى محكمة العدل الدولية للتحقيق بجرائم ضد الإنسانية. وهكذا تم تعليق هوس لوبيات بعض أركان المعارضة السورية الداعية لتدخل عسكري على الطريقة الليبية.‬
تكتيك الوسائل الأخرى‬
‫بات عدد من النصوص المترابطة يكبل يدي بشار الأسد. وهي نصوص فضفاضة حتى لا تنفر موسكو. وهي أربعة: خطة كوفي عنان من ٦ نقاط، خطة الجامعة العربية، خريطة الطريق التي وضعتها الجامعة العربية والبيان الرئاسي الذي صدر عن مجلس الأمن. ولكن إذا قرأنا نصاً واحداً فقط يمكن أن نتساءل لماذا نحن بحاجة إلى النصوص الثلاثة الأخرى. ولكن لنر كيف تترابط هذه النصوص الأربعة.‬
‫تشكل خطة الجامعة العربية التي أطلقت في تشرين الثاني/نوفمبر ٢٠١١ المحور الأساسي للخروج من الأزمة أي نهاية للعنف تليها انتخابات. أما خريطة الطريق العربية الصادرة في ٢٢ كانون الثاني من هذه السنة فهي «تثقل» الخطة الأولى لأنها تطالب بشار الأسد بأن يسلم السلطة لشخص من محيطه (نائب الرئيس) وينتظر ليتم استبداله برئيس آخر بعد الانتخابات. وبالتالي فهي تشير إلى مسؤولية نظام الأسد في العنف. ‬
‫أما نص خطة عنان فهو «تخفيف» للخطة العربية، فهو لا يحمل أي تهمة للنظام بقتل ولا يتطرق إلا إلى «مسار سياسي مفتوح». أما بيان رئاسة مجلس الأمن فهو يشكل دعماً مباشراً لخطة عنان لا هدفه هو استجلاب موافقة موسكو وبكين على نص أمم مقبول. وهو ما حصل بتوقيع العاصمتين، لأن النص فتح لهما باب التقارب مع الخط العام للأمم المتحدة، من دون التراجع عن مواقفهما.‬
‫هكذا بات اهتمام بشار الأسد محصوراً في مبادرة كوفي عنان. وقد أعلن عبر وكالة الأنباء «سانا» بأنه يقبل خطة عنان لأنها، حسب رأيه،  تذهب بالاتجاه الذي يسعى له. وأضاف بأن العنف هو نتيجة أعمال الإرهابيين (الجيش السوري الحر وتنظيم القاعدة) وليس الجيش النظامي، وأن الديبلوماسيين الأجانب يمولون الثورة.‬
‫وفي الواقع فإن الديبلوماسية الفرنسية ومعها الأميركية والبريطانية لا تريد حلاً عسكرياً. ولا تريد الديبلوماسيات الغربية تسليح المعارضة بقوة، خوفاً من أن يفتح ذلك المجال أمام نظام الأسد لقمعها بقوة أكبر. لذا فقط الجيش السوري الحر حصل على بضعة قطع سلاح.‬
‫غير أن موقف الثلاثي يعاني من نقطي ضعف: أولاً ألا يستعمل نظام الأسد القوة؟ صحيح أنه لا يذهب إلى حد القيام بمذابح إلا أنه لم يتردد من قصف باب عمرو وإدلب وأحياء أخرى. يوجد استعمال مكثف لسلاح الدبابات، وهي تطلق من دون توقف قذائفها. نقطة الضعف الثانية تستند إلى إشاعة حول «دزينة» من رجال المخابرات الفرنسية الذين تم القبض عليهم في الأراضي السورية، وتقول الإشاعة إن باريس تخشى تسليح المعارضة. قد تكون هذه إشاعة إلا أنها تستند إلى مصادر عديدة، وإن كانت الديبلوماسية الفرنسية بالمقابل تجيب «لا أساس لها». ليس من الضرورة وضع تصريحات الفرنسيين موضع الشك، ولكننا نعرف أن إرسال رجال مخابرات ليس من الأعمال التي لا يمكن أن تقدم عليها كما حصل في الصومال وليبيا.‬
‫من هنا يبدو أن المسار الديبلوماسي مع ما يرافقه من عقوبات اقتصادية كاف.‬
Harold Hyman

BFM – TV