- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

فرنسا تخطئ سوريّاً

جورج مالبرونو

اللغة المستعملة لغة صراحة مباشرة. ورقة عمل كوفي أنان مع دعم للمجلس الوطني السوري وإبعاد بشار الأسد بشكل سريع، هكذا يقرأ (HdN)، وهو دبلوماسي فرنسي يتابع عن كثب تطور الأزمة السورية. وهي قراءة مصقولة ولا تتوافق تماماً مع الرواية الرسمية في «الكي دورسيه»… أي إدارته.

إن الدبلوماسية الفرنسية استخفت بقدرة النظام السوري لأنها أرادت أن تقلل من قدرته. لم يكن علينا أن نفاجأ بقدرته على المقاومة. إن إيريك شوفاليه، سفيرنا في دمشق، بات يعمل جيداً بعد أن أعيد «تأطيره» مع بداية الثورة. فهو أكد لباريس بأن الأزمة سوف تكون طويلة. ذلك إننا نعرف جيداً هذا النظام إذ أنه خلال الثلاثين سنة الماضية كنا أصدقاءه، ثم أعداءه، قبل أن نعود من جديد أصدقاء. تغيير موقفنا المفاجئ مع بداية الثورة هو مرآة للتباعد الذي سكن رأس هرم الدولة الفرنسية ما أن تبين أن بشار الأسد لا يستمع للنصائح ولن يفي بوعود قطعها واعتقدنا بسذاجة أنه سوف ينفذها.
المجلس الوطني السوري يفقد مواقعه على الأرض، لقد راهنا على حصان خاسر رغم تحذيرات عديدة أطلقت من هنا وهناك. إن نظرة السوريين في الداخل للمجلس الوطني هي جد سلبية. إن الذين يعتبرون أن زعماء المجلس لا يمثلونهم هم عديدون، ويرون أنهم يكتفون بالظهور أمام كاميرات القوات التلفزيونية وفي فنادق خمس نجوم، ويقولون إنهم لم يعودوا لهم بأي منفعة.
حتى أن بعض سكان حمص يتهمونهم بسرقة «مقاومتهم» في بابا عمرو. وبسبب علاقة أعضاء المجلس الوطني مع المنظمة الإنسانية  (Avaaz) المتواجدة في بيروت، نجحوا في بإعطاء انطباع بأنهم كانوا وراء من أخرج سكان باب عمرو، بينما في الواقع فإن ذلك يعود إلى هيئات التنسيق على الأرض. والمجلس الوطني هو في وضعية المعارض الدائم المنهجية. وعند كل حدث تكون ردة فعله سلبية. ورقة كوفي أنان؟ يقولون: لا ليس هذا ما يجب فعله. عندما وصل المراقبون في كانون الأول/ديسمبر؟ يقولون٬ لا هذا ليس صالحاً. عند وقوع اعتداءات؟ مباشرة ومن دون اثباتات يتهمون النظام. مع ذلك فقد تم تكذيبهم من قبل الأميركيين، وكذلك من قبل بعض الخبراء المعترف بهم مثل جيمس كلابر (James Claper) رئيس المخابرات الأميركية. صحيح أن جماعة المجلس الوطني يجيدون التعامل مع الغرب، لأنهم يتكلمون لغتنا، ويقولون لنا ما نود سماعه. ولكنهم في الحقيقة منقطعون عن واقع الأرض. علينا أن نفطن لهذه الأمور.
الأكثرية الصامتة
اننا نستخف بها. إن الانتفاضة لم تستثير بعد كل المواطنين. توجد أكثرية صامتة تقول لنا ما يلي: «إننا لا نحب النظام، ولكن لا يوجد شيء مما تفعله المعارضة شيئاً يجعلنا نخرج من تحفظنا وترددنا لدعمها».
ورقة عمل أنان للخروج من الأزمة
حتى الآن يلعب أنان تكتيكياً بشكل جيد. وضع الزانة عالية نوعاً ما وقال: ها هي المعطيات للحل: (أي النقاط الست). جواب الناظم جاء يطلب مهلة، ولم يدفع هذا أنان لزيادة الضغوط بل بقي في وضعية متراجعة. ويحافظ على نقاط تماس مع بشار الأسد ويترك العمل على الأرض لمساعديه. وهو ما لم يفعله رئيس الوزراء القطري حمد بن جاسم الذي عامل بشار بفظاظة. فرنسا بعد تردد باتت تدعمه. ما زلنا في سياق اسقاط النظام. لم نفهم بعد بأن الوضع تجاوز هذا العامل. وفي مقابل هذا ماذا نستطيع أن نفعل غير هذا؟ لقد اتخذنا مواقف راديكالية متطرفة منذ بداية الثورة ولم يعد بإمكاننا تغييرها. لقد حكمنا على أنفسنا بالبقاء متمسكين بخط المجلس الوطني المتطرف: بمعنى آخر حكمنا على نفسنا عدم التحدث إلى بشار.