- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

“زورو” الرئاسة الفرنسية والاعلام الشمولي

جاد عويدات

خبر اليوم يمحوه خبر الغد وهكذا دواليك في الاعلام الاخباري، فهو بذلك لا ينظر إلى الوراء. فالحدث يتردد صداه اليوم في الاعلام ولكن في الغد هناك حدث آخر وأخبار مختلفة. هذه الخلاصة تكون ربما متسرعة في النظر إلى الأحداث الاخيرة التي جرت في مدينتي تولوز ومونتوبان في فرنسا. وقعت الجريمتان في وقت تشهد فيه فرنسا حملة انتخابات رئاسية شرسة يسعى فيها نيكولا ساركوزي للفوز بولاية رئاسية ثانية.

بعد مصرع المشتبه به في قتل سبعة أشخاص، عسكريين ومدنيين، واصلت وسائل الإعلام الحديث عن الموضوع على مدار الساعة، على الرغم من مرور أسابيع عليها. التغطية الاعلامية الواسعة لهذا الحدث وتبعاته مستمرة في الاعلام الفرنسي وأخذت منحى آخر في التضخيم والتوظيف الإنتخابي وبذلك باتت المؤسسات الاعلامية المحلية والقنوات الاخبارية المتخصصة ومواقع الانترنت تتنافس في ما بينها في تحليل الحدث والاستفاضة في التعليق عليه. وبذلك عدنا إلى مواضيع الخلط بين الإسلام والإرهاب والمهاجرين.

على مدار عدة أيام، تحولت قضية محمد مراح إلى مادة إعلامية دسمة شغلت الرأي العام الفرنسي في جو إنتخابي مشحون وذهب ساركوزي الى حد الاعتبار بأن أحداث تولوز أحدثت بفرنسا ما احدثه 11 سبتمبر بالولايات المتحدة.

هذه المقارنة السطحية والمبالغ بها، ساهمت في خلقها أيضاً غلافات المجلات والصحف والتغطية الاعلامية الكبيرة. وهكذا انقض ساركوزي على الفرصة ليعلن الحرب على الارهاب السلفي داخل فرنسا. واستغل الأوضاع لمنع الشيخ القرضاوي ومفتي القدس السابق الشيخ عكرمة صبري والعديد من الأئمة والمشايخ من دخول فرنسا للمشاركة في مؤتمر المنظمات الإسلامية الفرنسية. مع العلم بأن هؤلاء يعبرون عن آرائهم وأفكارهم منذ سنوات ولا علاقة لهم بالفكر السلفي التكفيري أو مما يعرف بمنهج تنظيم القاعدة. ولا بد من الإشارة بأن المشايخ والأئمة قادرون على المشاركة بطريقة غير مباشرة في هذا مؤتمر عبر الوسائل التكنولوجية على سبيل المثال. ومسلمو فرنسا قادرون على مشاهدة القرضاوي مساء كل أحد على قناة الجزيرة للنهل من أفكاره. ونسي ساركوزي أيضاً بأن القرضاوي كان من أشد الداعمين للتدخل الغربي في ليبيا وغض الطرف عن طائرات الناتو التي قصفت ليبيا.

ومن ثم توالت حملة الاعتقالات التي طالت إسلاميين مشبوهين نفذتها قوات أمنية خاصة في عدة مدن فرنسية وطبعاً بحضور وسائل الإعلام. هذه التصرفات ذات السمة البطولية ما هي إلا نتاج للعنجهية الساركوزية ومحاباة للوبي الصهيوني واستمرار لسياسته المنفصمة الشخصية تجاه الدول العربية.

وفي إطار عام، تبقى مواضيع الإسلام والهجرة من المواضيع الشائكة في الإعلام الفرنسي الذي يستمر في التعامل معها بسطحية وجهل تاميين.

هذا التعاطي الإعلامي التابع والساعي وراء دغدغة المشاعر والأحاسيس والعداء تجاه الأجنبي، ألا يشبه ما هو متبع في أنظمة الإعلام الشمولي؟ إشكالية النظر الى الوراء، يبدو أنني أخطأت بها التقدير لأن الإعلام يعود بالذاكرة فقط عندما يريد.