- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

سوريا ليست حديث البلد

نجاة شرف الدين

في الوقت الذي كانت فيه وزيرة الخارجية الاميركية، هيلاري كلينتون، تبحث في السعودية قضايا المنطقة، ولا سيما الملف السوري، وفي الوقت الذي انتقلت فيه الى اسطنبول حيث شاركت في مؤتمر اصدقاء سوريا، والذي عبرت خلاله عن رغبة الولايات المتحدة بتنحي الرئيس السوري بشار الاسد، كانت وسائل الاعلام الاميركية، بمعظمها، تكتب وتحلل وتناقش الطريق الى البيت الابيض.
منذ اللحظة الاولى التي تصل فيها الى اي من المدن الاميركية، وفي مقدمتها نيويورك، تأخذك المدينة الى نقاش واهتمام مختلف، من التاكسي الأصفر وهو يشكل رمز المدينة، الى بائع “الهوت دوغ” في شوارع مانهاتن، الى العاملين في المقاهي والمطاعم والمخازن التجارية، وصولاً الى اروقة وول ستريت التي اخرجت المتظاهرين من شوارعها، موضوع واحد، هو الاقتصاد وفرص العمل والضرائب وأسعار النفط والغاز، وبالتالي الانتخابات الاميركية.
اما النقاش لدى المثقفين والكتاب والباحثين الاميركيين، فهو في موقع الولايات المتحدة المستقبلي، بعد أن تتجاوز ازمتها الاقتصادية، واتجاهها نحو آسيا. ويكمن الاهتمام في منطقة الشرق الاوسط انطلاقا من موضوع الضربة الاسرائيلية المحتملة على ايران، وتأثير ذلك في إرتفاع اسعار النفط العالمي وفي الانتخابات الاميركية، وهو أيضاً ما تم بحثه اثناء زيارة كلينتون الى السعودية ولقائها المسؤولين السعوديين، وخصوصاً في موضوع زيادة الانتاج لتأمين حاجة السوق النفطي في حال حصول الضربة. وقد بدا واضحا الاهتمام في الصحافة الاميركية بتحديد موعد المفاوضات مع ايران على برنامجها النووي في الثالث عشر والرابع عشر من نيسان في اسطنبول \، اكثر من الإضاءة على مؤتمر اصدقاء سوريا، الذي شاركت فيه ٧٤ دولة، وتم إقرار مساعدات مالية كبرى لدعم المعارضين في المجلس الوطني السوري والجيش السوري الحر.
نيويورك المدينة التي تحتضن مراكز الامم المتحدة، حيث يخضع المبنى الأساس لعملية إعادة تأهيل تنتهي العام المقبل، والتي يبحث فيها مجلس الامن القرارات الدولية المتعلقة بدول العالم، ومنها سوريا، تشهد تراجعاً في النقاش بملف ما يسمى “الربيع العربي”، حيث يستحوذ بناء منزل المرشح الجمهوري الثري ميت رومني، والذي بنى فيه مصعداً لسياراته، على برامج وتحاليل تتجاوز، بما لا يقاس، الاخبار الواردة من العالم العربي.
ايران وأفغانستان، موضوعان لا يزالان في واجهة الاخبار في الاعلام الاميركي، الاول انطلاقا من تأثير توتر العلاقة مع الولايات المتحدة على اسعار النفط، وبالتالي على موقع المرشح الديموقراطي باراك اوباما، والثاني انطلاقاً من وجود الجنود الأميركيين، وتعرضهم لعمليات أمنية، وايضاً تأثير ذلك على الانتخابات الاميركية. وعدا ذلك، فسوريا ليست حديث المدينة، ولا حديث البلد، في سنة انتخابية بامتياز، يتقدم فيها اوباما على منافسه رومني في استطلاعات الرأي ويود الحفاظ على هذا التقدم حتى شهر نوفمبر، وفي غياب مشروع بديل حاضر وواضح، يقنع الإدارة الاميركية بمصلحتها في التحرك وحسم خياراتها في هذه اللحظة السياسية الحساسة.