- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

السوريون الكرد… ليسوا شركاء في الوطن؟

رغدة العزيزي
في البدء كانت الثورة السورية تنادي بشعار “واحد واحد واحد، الشعب السوري واحد”، وكان الجميع يهلل لهذا الشعار.
اليوم وبعد مضي عام على الثورة لم يعد الشعب السوري بكل اعراقه وقومياته كذلك، هذا ما ابدته لنا القومية الكردية بعد ان انسحبت قوى معارضة كردية (اتحاد تنسيقيات الشباب الكرد) من مؤتمر المعارضة في اسطنبول، إثر رفض الورقة الكردية المقدمة للمؤتمر والتي تنص على “الاعتراف الدستوري بالشعب الكردي في سوريا كقومية أساسية في البلاد وإلغاء كافة المشاريع العنصرية المطبقة بحق الشعب الكردي وتعويض المتضررين منها وفق الأعراف والمواثيق الدولية في دولة لا مركزية سياسية”. واعتبر اتحاد التنسيقيات تخلي المجلس الوطني السوري عن القضية الكردية امراً من شانه ان يطيل استمرار الأزمة السورية راهناً ومستقبلاً  وإعادة فرزها بأشكال أخرى قد تكون أكثر خطورة، مطالبين بحل هذه القضية حلاً ديموقراطياً على قاعدة الاعتراف والاقرار الدستوري ضمن إطار وحدة البلاد، مشيرين إلى ان تضحيات الشعب السوري وطموحاته ستصبح ضحية تعنت بعض قوى المعارضة التي تتنكر لحقوق الشعب الكردي والذي يعد شريكاً حقيقاً في الثورة. فكيف لشريك في الثورة ألا يكون شريكاً في الوطن مستقبلاً؟
لا احد من السوريين يستطيع انكار ما ذاقه الاكراد من ويلات النظام السوري، وهذا الاضطهاد ليس حديث الولادة، ففي بدء مرحلة الانقلابات ومجيء الديكتاتوريات، وتحديداً منذ الوحدة المصرية السورية أصبح الكرد يتعرضون للاضطهاد القومي بشكل واسع، وأصبح هناك تمايز قومي شديد، ازداد ذلك بعد استلام حزب البعث الحاكم في عام 1963 لمقاليد السلطة في دمشق، منعهم من التحدث والتعلم بلغتهم الأم، إضافة إلى تهميش المناطق الكردية وخلق مشاكل فيها مع العرب، وحرمان مئات الآلاف من الحصول على الجنسية السورية.
وتعج المعتقلات بالأكراد الذين دفعهم التمييز القومي ضدهم إلى صراع مع السلطة الحاكمة في سوريا منذ عهد رئاسة الأسد الأب ولم يكن حالهم افضل مع الابن، حيث تعرضوا لمجازر في انتفاضتهم عام 2004 وعام 2008 ومجزرة 2010 التي راح ضحيتها عشرات الأكراد خلال عيد النيروز.
لذلك توجهت الانظار محلياً وعربياً نحو المجتمع الكردي في انتظار  موقفهم  ازاء ما يجري من القتل والتنكيل، حيث اعتبروا قنبلة بشرية موقوتة ممكن ان تنفجر في وجه النظام وانهم سيكونون في مقدمة المحتجين المتظاهرين وانهم سيقومون بدور فاعل في الحراك الثوري قياساً للثقل الديمغرافي الذي يشكلونه وصراعهم السابق مع النظام، الا ان الامر لم يكن على مستوى التوقعات.
والمفاجئ في ان الاكراد اعتبروا انفسهم كياناً قومياً ضمن بلد تسمى سوريا، متعايشين مع السوريين الاخرين مطالبين بحقهم في تقرير مصيرهم وفق صيغة فدرالية ضمن سوريا اتحادية هذه الاحزاب الكردية المعارضة اعتمدت  مصطلح “شعب كردي” بدل “الأكراد السوريين”، وبذلك يكون اقراراً صريحاً من قبل بعض الاحزاب الكردية بوجود أكثر من شعب في سوريا. وهذا يشكل انتهاكاً سياسياً غير مسبوق للثوابت الوطنية السورية، وينطوي على خطر مستقبلي جسيم على وحدة التراب السوري.
فكيف لقوى كردية معارضة ان تمتنع عن مشاركة قوى الأخرى في الثورة وترفض المشاركة في المجلس الوطني السوري إلا وفق دفتر شروط يضمن لها مكاسب في النظام الجديد، في الوقت الذي لا تزال البلاد تعيش مذابح جماعية كل يوم، عدا عن حالات تهجير واعتقال وتنكيل بل اصبحت البلاد مهددة بالدمار الكامل لاحتمالية وقوعها في حرب اهلية. فاي بلاد ينوون تقاسمها؟
كل هذا جعل المجتمع السوري ينظر لموقف الأحزاب الكردية على انه موقف انتهازي يحاول ليّ ذراع الثوار للمشاركة في الثورة. بيد ان ما لم تفطن له تلك الأحزاب هو انها بهذه السياسة تجازف بوضع الأكراد، مستقبلاً، في مأزق مؤكد مع شركائهم في الوطن بعد ان تركوهم في مجابهة مع اشرس الانظمة الدكتاتورية ليواجهوا مصائر مجهولة ويبقى الاكراد تائهين في تقاسم بلاد ربما لن يبقى فيها طائر يغرد.