كان لـ«الملتقى السنوي التاسع والعشرين» الذي ينظمه اتحاد المنظمات الإسلامية في فرنسا نكهة جديدة ومختلفة هذه السنة بسبب التأجيج الانتخابي الذي يرافق الحملة الانتخابية الرئاسية وتحويل الإسلام إلى موضوع رئيسي للجدل ولاجتذاب أصوات اليمين المتطرف وبشكل خاص بعد عملية محمد مراح والحملة التي شنتها الأحهزة الأمنية على في أوساط السلفيين. وقادت الحكومة إلى منع مشاركة دعاة مسلمين في أعمال الملتقى أبرزهم الشيخ يوسف القرضاوي وعكرمة صبري. واحتمى المفكر الإسلامي طارق رمضان، حفيد مؤسس حركة الإخوان المسلمين حسن البنا، بالجنسية السويسرية ليحضر الملتقى، إذ لا تستطيع السلطات منعه من دخول أراضيها، وهو ما دفع وزير الداخلية كلود غيان للإعراب عن «أسفه» لمجيء رمضان إلى المؤتمر لأنه «يؤيد ضرب النساء من حيث المبدأ»، في إشارة إلى تصريح سابق له ودعوته «لتعليق جلد النساء وليس منع الجلد”.
واستبق غيان وصول المدعوين إلى الملتقى بتوجيه تحذير عام جاء فيه بأن «أجهزة الوزارة ستكون بالغة اليقظة لما سيجري في الملتقى بما في ذلك منع ارتداء النقاب الذي حرمه القانون الفرنسي في الأماكن العامة العام الماضي». ويأتي تحذير وزير الداخلية بعد الرسالة المفتوحة التي وجهها رئيس الجمهورية إلى رئيس اتحاد المنظمات الإسلامية أحمد جاب الله، وتضمنت أيضاً تنبيهاً «من الخطب التي تدعو إلى العنف والحقد ومعاداة السامية». وقد رد جاب الله على ساركوزي وغيان بتأكيد أن الملتقى «لم يكن يوما منبرا للكراهية”.
غير أن هذه التهديدات والتحذيرات المتبادلة ساهمت بشكل غير مباشر دفع بالآلاف من مسلمي فرنسا والبلدان الأوروبية المجاورة، لزيارة الملتقى حيث تتداخل فيه المحاضرات والصلوات والأناشيد والمكتبات والمعروضات و«الملابس إسلامية»، بما في ذلك ملابس العروس والأطعمة الإسلامية. ويرى فيه البعض «عيد الإسلام في فرنسا». إلا أن البعض يرى أن الأجواء التي تحيط بالمسلمين وبالصورة التي تعطى عنهم في المجتمع الفرنسي مزعجة جداً وأن المسلمين يدفعون ثمن تصرفات أفراد، في إشارة إلى الفرنسي محمد مراح الذي قتل سبعة أشخاص في جنوب فرنسا. ويشدد منتقدو التأجيج ضد الإسلام في فرنسا على أن «بين ضحايا مراح ثلاثة جنود مسلمين»، إلى جانب الأطفال اليهود الثلاثة والحاخام.
وبالطبع يذكر الجميع أن اليمين الفرنسي كان وراء إثارة عدد من الملفات تتعلق بالإسلام آخرها كان ملف «اللحم الحلال»، وقبلها ملفات الهوية الوطنية والانتماء إلى المجتمع الفرنسي والمهاجرين في قضايا مثل قضايا البرقع وتخصيص مسابح للنساء أو تعدد الزوجات.
وهو ما دفع كافة الخطباء إلى الطلب من مرشحي للانتخبات الرئاسية الابتعاد عن تأجيج المشاعر المعادية للمسلمين. وقد أجد جاب الله «أن المسلمين مواطنون ككل المواطنين الآخرين”.
