تطرقت الصحافة البريطانية حديثاً الى كتاب جديد ينسف الاعتقاد السائد أن الرئيس الفرنسي الأسبق، فرانسوا ميتيران، كان من أشد مناهضي مفهوم «قتل الرحمة». فهو يقول إن الرئيس الاشتراكي الوحيد في «الجمهورية الخامسة» سعى الى حقنه بعقار قاتل من أجل وضع حد لمعاناته من المرض وكان له ما أراد في 1996 وكان في الثمانين من عمره. وبعبارة أخرى فقد مات انتحارا وبنفس الأسلوب الذي سعى لتحريمه.
ونقل الكتاب ان ميتيران، الذي كان يعاني من السرطان لفترة 15 سنة على الأقل، أبقى مرضه من أسرار الدولة المحصنة بالكامل… وهذا الى أن رفع طبيبه الشخصي، كلود غوبلير، النقاب عن الأمر برمته في كتاب له بعنوان «السر العظيم». ويأتي فيه أن ميتيران عانى ويلات المرض طوال سنوات رئاسته وأنه أمضي القسم الأخير منها وهو عاجز عن أداء مهام هذا المنصب.
ويقول عوبلير أيضا إنه كان مجبرا على كتابة تقارير طبية مزوّرة عن حالة ميتيران فيعطي الانطباع بأنه كان يتمتع بصحة جيدة. ونتيجة لكل ذلك أصدر الرئيس جاك شيراك، خليفة ميتيران، أمرا بمعاقبة غوبلر، فحظرت السلطات كتابه وسُحبت منه رخصته الطبية، وصدرت بحقه عقوبة أخرى بالسجن اعتمادا على إخلاله بحسن السير والسلوك.
وكان للأمر ان ينتهي هنا لولا أن صحافييْن آخرين، هما دني دومونبيون ولوران ليجير، أصدرا كتابا آخر الآن يقول- بين أشياء أخرى- إن العقار الذي أنهى حياة الرئيس ميتيران حُقن به في حضور امرأة مجهولة الهوية، هي التي أفشت بالسر لطبيبه غوبلر.
ويزعم المؤلفان أن جيلبير ميتران، ابن الرئيس الراحل، نفسه قال إن شخصا واحدا “يعلم ما حدث وإنه لن يميط اللثام عن ذلك”. وقال إن هذا الشخص امرأة “أخبرتنا بأن أبي توفي بلا معاناة”. ويذكر على هذا الهامش أن دانييل، عقيلة ميتيران، توفيت بفيردون، شمال شرق فرنسا، في نوفمير/ تشرين الثاني الماضي عن عمر يناهز 87 عاما.
الكتاب الجديد بعنوان «آخر المحرّمات: حقائق عن أحوال الرؤساء الصحية»، ويكشف فيه المؤلفان ما يقولان إنه أسرار أخرى. ومن هذه أن الرئيس الحالي نيكولا ساركوزي «يتعاطى حبوباً بشكل غير شرعي إذ لم تحصل على إجازة التداول العام من قبل سلطات البلاد الصحية».
ولا يكشف المؤلفان طبيعة هذه الحبوب ولأي علّة يتعاطاها ساركوزي، لكنهما يقولان إنها تتعلق بـ«إعادة الثقة ورباطة الجأش الى النفس». ورغم أن هذا كلام مطّاط نوعا، فهو يكتسب بعدا خاصا بالنظر الى قرب موعد انتخابات الرئاسة الحاسمة (بعد أيام قليلة) وإحساس ساركوزي بأنه ربما وصل الى نهاية مشواره السياسي على يد مرشح الاشتراكيين فرانسوا اولوند.
ولا يسلم الرئيس السابق جاك شيراك من مزاعم هذا الكتاب الذي يقول إنه عانى في 2005 – إبان فترة رئاسته – من سكتة قلبية. ويمضي قائلا إن شيراك وعقليته بيرناديت وابنته كلود فعلوا المستحيل سعيا لضرب جدار من السريّة على هذا الأمر فلا يتسرب الى العلن بأي شكل من الأشكال. وأخيرا يأتي دور رئيس الوزراء السابق إدوار بيلادور الذي يقول المؤلفان إنه أيضا عانى من سرطان الإمعاء وهو في السلطة لكنه تكتم على هذا بكل الوسائل المتاحة لديه.