- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

“كشف الجسد”: فنّ عربي يخرج إلى العلن

عبد عابدين «بينغ بونغ» فيديو ٢٠٠٩

باريس ــ مايا عبود

انطلق في ٢٧ آذار/مارس في معهد العالم العربي معرض كبير تحت عنوان «كشف الجسد» يندرج في سياق الفن الحديث والمعاصر ويتطرق إلى موضوع يتناول رسم وتصوير الجسد والعري في الفنون البصرية العربية، ويستمر حتى 15 تموز/يوليو 2012.

يشكّل تصوير الجسد ورسمه، في الفنون البصرية العربية، مادة لا تزال مجهولة حتى اليوم، ونوعاً من الحقل المتخفي أو على الأقل الذي لم يجر استكشافه بعد، لذا لم يكن يتوقع العديد من الهواة وغير الهواة وجود مثل هذا التصوير في الرسم العربي.

غير أن جانباً مهماً ومجهولاً من هذا الفن أخذ يكشف عن نفسه أخيراً. الجمهور مدعو إلى هذا البحث وإلى هذا الاكتشاف في المعرض الذي يضج بالمفاجآت، ويجمع مختارات واسعة من الأعمال والوسائط التي تسمح بتناول هذه المسألة بشكل متزامن ومتعاقب معاً.

مهدي جورج لهيو «حركة مفككة« ٢٠١٠

لقد بدأ عالم الفن يلتفت أخيراً إلى المبدعين العرب. ومع معرض «كشف الجسد»، يسعى معهد العالم العربي، حسب ما ورد في بيانه الصحافي، إلى أن يقدم لجمهوره عرضاً يحتضن، عبر هذا الموضوع الواسع، المركب، المتشعب والأساسي، قرناً من الرسم العربي، ومن ممارسة الفنون التشكيلية.

 وبالطبع فإن الحديث عن الرسم، فهو يتم تحت عنوان المفهوم الأوروبي أو الغربي للكلمة التي ساهمت العلمة بنشرها.

إن رسم «اللوحات الصغيرة» في العالم العربي يعود إلى العقود الأخيرة للقرن التاسع عشر، حين بدأ عدد من الفنانين اللبنانيين والمصريين، بالسفر إلى أوروبا (إيطاليا وفرنسا وإسبانيا وإنكلترا) سعياً وراء الاطلاع على خفايا الفنون الجميلة وللتدريب وتحسين قدراتهم الفنية.

من بين التقنيات والموضوعات التي ترسخت في أذهان هؤلاء الفنانين العرب، نجد رسم العري الذي بدا كما لو أنه يشكّل درساً قائماً بذاته، والذي كان يتم استناداً لموديلات حية ويشكّل أحد أسس التعليم في أكاديميات الفن.

ويقول كتيب المعهد حول المعرض إن «قلة من هؤلاء الفنانين العرب، مثل اللبنانيين خليل صليبي، جورج داوود قرم ومصطفى فروخ، أو المصري جورج حنا صباّغ، جعلوا من رسم الجسد لازمة تتكرر، ووجدوا فيه مادة للعمل في درس مسألة الرسم – إذ ليس ثمة ما هو أصعب من رسم الجسد – وكذلك مادة لاستحضار الشبق والعشق والإثارة الجنسية، وهي محركات أساسية في الإبداع الفني، إذا جاز التعبير».

من دون عنوان

ولم يلجأ منظمو المعرض إلى البحث في أعمال كافة الفنانين العرب الكبار عن رسوم العري التي يمكن أن يكونوا قد رسموها في هذه الفترة أو تلك من مسيرتهم الفنية، ويبرروا ذلك بأنه «لا فائدة في البحث في تاريخ الفن العربي، بغية وضعها في منظور إبداعات معاصرة، عن هذه المنمنمة التي تفصّل مشهداً في حمام، أو تلك الأيقونة التي تمجّد عذاب شهيد، أو أيضاً تلك الصورة المرسومة على صفحة في بحث طبي، بذريعة أن الأجساد الظاهرة هنا هي أجساد عارية» وأن السبب في ذلك يعود إلى أن أعمال الفنانين الذين اختيروا لهذا المعرض، اندرجت في «مشروع  أكثر شمولية هو بكل بساطة مشروع الفن الحديث والمعاصر».

وقد سعى هذا المعرض إلى تسليط الأضواء على «أعمال فنانين تأملوا بعمق بالمسألة إلى درجة تحول معها العري إلى جاب مكمّل في أعمالهم».

وبدت أعمال الفنانين العرب بعيدة جدا عن النظرة الاستشراقية للغرب، الذي يرى الشرق عبر صفحة من «ألف ليلة وليلة» «تصوراتها الخادعة عن المجتمعات الشرقية المسكونة بالحريم حيث يُطلق العنان للملذات المباحة، الشهوانية والمعطرة». غير أن هذه النظرة البعيدة عن الواقع لا تغفل، من جانب آخر، «معاناة النساء في دنيا الحريم».

بهدف إتاحة المجال «لإجراء بعض المقارنات المثمرة»، اختار منظمو المعرض أسلوب التسلسل الزمني، وتقديم الأعمال الفنية بحسب «مسار تتلاحق فيه سلسلة مداخل إلى موضوعات على علاقة مباشرة بالجسد» مثل الجمال، الجسد المعذب، الرغبة…

يوسف نبيل «ناتاشا نائمة» القاهرة ٢٠٠٠

ويرى بيان التعريف بالمعرض أن «الجسد شكّل على الدوام في نظر الأديان – على الأقل الأديان التوحيدية – نوعاً من النقطة العمياء الكاذبة، من الفجوة السوداء، من أمر يعجز الوصف عنه». ويستطرد بأن «فترات من الانفتاح والانغلاق تتناوب على الدين السائد في العالم العربي بإيقاع يشبه إيقاع حركة رقاّص الساعة، حيناً في اتجاه وحيناً في اتجاه آخر، وذلك بانتظام نسبي. وهو إيقاع عمره 14 قرناً».

ويعتبر القيمون على المعرض «أن العقود الثلاثة الأخيرة كانت عقود انغلاق»، وبالتالي فإن «السبب الذي يقف وراء إقدام الفنانين، عندما أمكن لهم ذلك، على تحطيم أغلال وقيود شعروا بأنها لم تعد مقبولة ولا يمكن تحملها».

وقد اختار المعرض إبراز نحو 60 فناناً ونحو 200 عمل للمشاركة بهدف المساهمة «في تبديد وإزالة بعض الأفكار المسبقة والمغلوطة عن العالم العربي».

واصدر معهد العام العالم العربي في هذه المناسبة «كاتالوغ» المعرض تصاحبه مطبوعة غنية تتضمن نصوصاً ورسوماً من شأنها أن توسّع أفق المقاربة الفنية التشكيلية بحيث تشمل زوايا أخرى أساسية تساعد على استيعاب موضوع المعرض أي مسألة تصوير ورسم الجسد في الفنون البصرية العربية.

يشارك في المعرض:

سندس عبد الهادي، عادل عابدين، انجي أفلاطون، ارام البان، شادية عالم، عبد الهادي الجزّار، مصطفى الحلاج، زينة الخليل، سما الشعيبي، مهند عمارة، غادة عمر، ممدوح عمار، انجيلو، أسعد عرابي، محمد عرابي، جورج عوده، انترانيك انوشيان، ارمناك عزروني، ضياء عزاوي، إسماعيل بحري، ميشال بصبوص، بايا، فريد بلكاخيا، ماهي بينيبين، زليخة بو عبدلله، مريم بو دربالة، خالدة بو غريت، نبيل بطرس، هوغيت كالان، جورج داوود قرم، شوقي شوكيني، مراد داغستاني، كامل دريدي، نرمين الأنصاري، إبراهيم الدسوقي، حاتم المكي، عادل السيوي، صلاح عناني، تهامي النادر، طريف السالحي، رانيا عزت، مصطفى فروخ، صخر فرزات، قيصر الجميل، هادي قبعة، عزة هاشمي، فريد حداد، حليم هادي، تحية حليم، منى حاطوم، هافي قهرمان، أمل قناوي، محمود خالد، جبران خليل جبران، ماجدة خطاري، مهدي محمود مختار، ليلى مرويد، محمد عارف، يوسف نبيل، مالك نجمي، مروان عبيد، عمر أنسي، محمد رواّس، عدلي رزق الله، جورج حنا صباّغ، محمد صبري، محمود سعيد، خليل صليبي، مراد سالم، منى السعودي، إيهاب شاكر، غازبية سري، صلاح ضاهر، علي طالب، منى طراد دبجي، شوقي يوسف، فان ليو، خليل زغيب، لميا زيادة، هاني زعرب