- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

اوباما ساركوزي: النفط واليورو

نجاة شرف الدين

لا شك ان كلا من فرنسا والولايات المتحدة تعيشان على إيقاع الانتخابات الرئاسية، والتي دخلت مراحلها الاخيرة، خاصة في فرنسا، مع بدء الدورة الاولى الأحد المقبل في ٢٢ نيسان، والمتوقع ان ينتقل بعدها المرشحان، الرئيس نيكولا ساركوزي ومرشح الحزب الاشتراكي الفرنسي فرانسوا هولاند الى الدورة الثانية في السادس من أيار المقبل. كما أن أميركا دخلت أيضاً مرحلة تسمية مرشحيها الرئيسيين، الرئيس باراك أوباما عن الحزب الديموقراطي، وميت رومني عن الحزب الجمهوري.

ففي قراءة أولية في المشهد الاعلامي للحملات الاميركية الفرنسية، يبدو ان الاقتصاد سيكون من العوامل الحاسمة في خيارات الرأي العام في كلا البلدين، رغم الاختلافات في التوجهات الاقتصادية، والأزمات التي عاناها كلا البلدين نتيجة الأزمة الاقتصادية العالمية، ونتائجها المستمرة على أوضاع البلدين.

النقاش الاعلامي الاميركي والذي يأخذ فيه موضوع «الحرب على النساء» حيزاً واسعاً في الحملات بين الجمهوريين والديموقراطيين، إضافة الى تداعيات حادثة القتل في فلوريدا، والتي ذهب ضحيتها الفتى الاسود «ترايفان مارتن» والمحاكمة الجارية للمتهم «جورج زميرمان»، وما رافقها من استفاقة عنصرية، إلا ان الموضوع الأساس في تحديد خيارات الناخب الاميركي سيكون «الاقتصاد أولا».

وعلى الرغم من إعتماد المرشح أوباما في حملته الانتخابية على أخطاء المرشح الجمهوري رومني وعدم إعجاب الكثير من الأميركيين بشخصيته غير «الكارزماتية»، إلا ان الهاجس الاكبر بالنسبة إليه يبقى الوضع الاقتصادي وبالتالي إنعكاس ذلك على مشروعه الصحي والتأمينات الصحية، وبهذا المعنى فإن أسعار النفط هي النقطة الأساس، لما لها من تأثيرات في إرتفاع الأسعار، ومن هنا كان الاهتمام الاميركي بتهدئة حدة التوتر مع إيران، لما لها من إنعكاس على ارتفاع أسعار النفط.

في المقابل، كان المشهد معبرا في فرنسا من خلال المهرجانين الذين شهدتهما ساحة الكونكورد، حيث أطلق الرئيس ساركوزي خطابه الانتخابي بالهجوم على منافسه الاشتراكي هولند بقوله «لا تخافوا، لن يربحوا»، وساحة فانسان حيث تحدث هولند الى مؤيديه داعيا الى «دولة أقوى من السوق»، في إشارة الى الاتهامات التي كان بدأها هولند لساركوزي بتحميل فرنسا أعباء  جديدة على الدين العام فاقت الـ ٦٠٠ مليون يورو منذ انتخابه عام ٢٠٠٧.

النقاش الاعلامي الفرنسي، وفي ظل ما تعيشه اوروبا من أزمات تتنقل من اليونان الى إسبانيا، يبدو ان محوره سيكون وضع فرنسا الاقتصادي وبالتالي وضع اليورو، بعدما اتهم ساركوزي منافسه من دون ان يسميه، بأن ما حصل في إسبانيا هو نتيجة الادارة الاشتراكية التي اعتمدها رئيس الوزراء الاسباني السابق، وأن إدارة اشتراكية في فرنسا ستضعها على نفس الطريق.

ربما يحاول المرشح الاشتراكي هولند الاستفادة من عدم إعجاب العديد من الفرنسيين بشخصية ساركوزي، وهو من العوامل السلبية في المعركة الانتخابية الدائرة، إلا ان شخصية هولند «غير الكارزماتية» أيضاً، والتي يحاول تعويضها بعدم إيجاد معارك مجانية مع أحد، وبالتالي ان يكون محبوبا من الجميع، يبدو أنها لا تكفي لترجيح الكفة لصالحه، في ظل عدم وجود برنامج اقتصادي واضح في الأفكار، سوى كلام عام عن فرص العمل المحتملة والتعويضات لنهاية الخدمة ورفع الضريبة على المداخيل التي تفوق مليون يورو.

الحملات الانتخابية التي تجري في كل من اميركا وفرنسا، والمتقاربة في الشكل وليس في المضمون، لم تستطع ان تحسم في استطلاعات الرأي، التي لا تزال  أرقامها متقاربة بين المرشحين الرئيسيين، اسم الرئيس الجديد على رأس أقوى دولة في العالم، وثاني أقوى دولة في أوروبا، فهل يمكن ان يحمل استقرار سعر برميل النفط، واستقرار سعر اليورو، أوباما وساركوزي لولاية ثانية؟ أم يحمل إرتفاع أسعار النفط، وتدهور سعر اليورو، رومني وهولند الى كل من البيت الابيض والأليزيه؟