باريس ــ بسّام الطيارة
قبل ساعات معدودة على أصابع يد واحدة من لقاء «المجموعة الرائدة لأصدقاء سوريا»، عقد ألآن جوبيه مؤتمراً صحافياً في مركز الصحافة الأجنبية، رسم فيه خطوط السياسة الخارحية الفرنسية بشكل عام، وفي الملف السوري بشكل خاص.
وفال، رداً على سؤال صحافي، إن الحلف الأطلسي لا دور له في هذا الملف، في تنبيه غير مباشر لنظيرته الأميركية هيلاري كلينتون التي لوحت بإمكانية تدخل الـ«ناتو» رداً على طلب تركيا تطبيق المادة ٥ من ميثاق الحلف لحماية حدودها. وشدد علئ أن موقف فرنسا ما زال «العمل على تفادي الخيار العسكري الذي سيؤدي حتما إلى حرب اهلية»، وأعاد أيضاً طمأنة «الجميع» بأن ما يجري على الأرض السورية «مختلف عن ما جرى في ليبيا»، مشيراً إلى عدم «انسجام المعارضات السورية». وتطرق جوبيه أيضاً إلى مقارنة تكوينات المجتمع في البلدين، حيث أن ليبيا يسكنها «سنة مالكيون بنسبة ٩٥ في المئة»، بينما يرى في سوريا «طوائف وجماعات متنوعة من الأكراد والعلويين والمسيحيين»، وهو ما يجعل، كما يقول جوبيه، « خطر الحرب الأهلية عالياً جداً». وشدد على أن «العمل هو على تفادي انخراط حلف شمال الأطلسي في هذه المنطقة» وعلى تفادي «أي تدخل عسكري أيضا».
وبدا في المقلب الثاني أنه يوجه كلامه لنظيره الروسي الذي «رفض دعوة حضور اللقاء»، وحذر من أن رفض روسيا الحضور سوف يزيد من عزلتها، قائلاً «يؤسفني ان تستمر روسيا في التقيد برؤية تعزلها اكثر فاكثر ليس عن العالم العربي فحسب بل عن المجتمع الدولي». وكانت أعلنت وزارة الخارجية الفرنسية أن كلا من روسيا والصين قد دعيتا الى هذا الاجتماع لكنهما اعتذرتا عن الحضور».
وتناول جوبيه مسألة المراقبين في سياق «شرح» هدفي اللقاء الذي دعت فرنسا عدداً من وزراء الدول «الرائدة» في الملف السوري إليه، فقال إن الأول هو للبحث في «ما إذا كنا قادرين ميدانيا على نشر قوة من المراقبين تتمتع بالفعالية والعدد المناسب لتغطية كافة المناطق السورية»، وثانياً النظر في «إجراءات لوقف المجازر إن استحال تحقيق الهدف الأول في مهلة معقولة».كما قال جوبيه إن مهمة المؤتمر النظر في الوضع الإنساني أيضاً وكيفية مساعدة المدنيين السوريين، لأن «مأساة إنسانية حقيقية تجري في سوريا اليوم» تتطلب معالجة طارئة.
وفي موضوع الاعتراف بالمعارضة السورية، فإن التوجه العام هو انتظار نضوج الظروف التي تمكن دول مجموعة أصدقاء سوريا من أن تخطو هذه الخطوة التي تعني قطع العلاقات الدبلوماسية مع النظام السوري، وقد أكد جوبيه في هذا المضمار ضرورة أن تفعِّل المعارضة جهودها لتتوحد وتنفتح على الأقليات «لتتمكن مجموعة أصدقاء سوريا من أن تخطو نحو الاعتراف».
وقبل بدء الاجتماع الذي دعت إليه باريس على عجل في الكي دورسيه، وصلت أصداء رد سيرجي لافروف، الذي قال رداً على الانتقادات إن موسكو «تقوم بدورها بكل صدق» لانهاء العنف، وان المؤتمر هو محاولة لإحتواء خطة أنان. وشدد على أن تقييم تنفيذ الخطة يعود إلى مجلس الأمن حصرياً.
أما في المؤتمر، فقد ألقت كلينتون كلمة جاء فيها إن الخطة تتضمن ستة بنود وليس بند نشر المراقبين وحده، ولكنها أشارت إلى أن «الدعم للخطة ما زال قائماً». ولوحت إلى ضرورة المزيد من الإجراءات الدولية من قبل مجلس الأمن «تحت الفصل السابع» للضغط على النظام. وإن اعترفت بصعوبة الحصول على موافقة روسيا والصين في هذا المسار.
أما الوزير القطري حمد بن جاسم، فطالب بخطة بديلة جاهزة في حال فشل الخطة الحالية، وقال إنه ينبغي أن تكون هناك خطة زمنية واضحة لتنفيذ الخطة، ملوحاً بعودة الخيار العسكري. أما الوزيز السعودي، سعود الفيصل، فقد قال «إن مجال التسلح مفتوح لمن ينفذ الجرائم بينما لا يسمح للأبرياء بالتسلح للدفاع عن أنفسهم». وأضاف في حال كان المجتمع الدولي «غير قادر على وقف النزيف فليسمح بتسليح هؤلاء الأبرياء»، في إشارة إلى موقف دول الخليج السابق لخطة أنان.
بالمقابل، قال جوبيه إن «الخطة قد جرى تقويضها من قبل النظام السوري»، وطالب بضرورة زيادة الضغوط على النظام وعلى موسكو ومراقبة تنفيذ خطة أنان لسد الطريق على محولات «كسب الوقت».
وكشف الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي أن من الخيارات المطروحة «خيار إقامة ممرات انسانية داخل سوريا من اجل تقديم المساعدات للمدن التي تشهد تمرداً». إلا أن تقييم هذا الطرح دل على أن الأخذ به يعني بشكل ما «فتح باب الصراع على العنف»، أياً كانت التوليفة التي يمكن أن تصاغ لمثل هذا الطلب.