توقعت صحيفة الـ”واشنطن بوست” أن لا يفوز قادة حماس في غزة في حال أجريت انتخابات حرة، إذ تحولوا إلى “سياسيين براغماتيين تهمهم مصلحتهم”.
وأرجعت الصحيفة أسباب توقعاتها الى أكثر من سبب، أهمها أن سياسيي حماس وعدوا السكان الذين دمرت اسرائيل بيوتهم أثناء حملة الرصاص المصبوب، بعملية إعادة بناء وتأهيل، لكن الحركة لم تف بوعدها، فـ”المياه معدومة والكهرباء نادراً ما تصلهم، مقابل وصول هذه الخدمات فقط الى كوادر حماس”.
هذه الأوضاع أدت إلى فقدان حركة حماس شعبيتها في وقت تتصاعد فيه شعبية الحركات الاسلامية في المنطقة العربية، لا سيما وأن حماس لم تحقق ما توقع منها الكثيرون.
ونقلت الصحيفة عن “أم محمد” قولها إنها تنتظر المال الذي وعدتها به حماس لإعادة إعمار بيتها، مضيفة “يقولون انهم مقاومة، لكن أين هي هذه المقاومة؟”.
وعلى الرغم من أن حماس تحاول تبني الخط البراغماتي بالتعبير عن إعجابها بالنموذج التركي المعتدل، إلا أنها فشلت في إقناع الولايات المتحدة الأميركية، التي تعتبرها منظمة إرهابية، كما أن إسرائيل تقول إن حماس لم تغير ميثاقها الذي يدعو إلى تدمير اسرائيل.
وتضيف الصحيفة أن الحركة تمكنت من الوصول إلى الحكم بعد أن حققت نصراً ساحقاً في انتخابات عام 2006 ثم سيطرت عسكرياً في العام 2007 على قطاع غزة. و”منذ خمس سنوات، تعيش الحركة عزلة وحصاراً وتواجه مشاكل اقتصادية، حيث تبلغ نسبة البطالة في القطاع 30 %”.
وكانت حماس قادرة على ضبط الأمن في القطاع، لكنها لم تعد تلك الحركة التي جاءت إلى السلطة بوعود كثيرة، فالناس، كما أردفت الصحيفة، “لا يكتفون بالأمن، لأنهم بحاجة إلى توفير الطعام والعملة. ولم تعد الحركة قادرة على تحقيق العدالة الاجتماعية وأصبحت “فاسدة”، وهي التهمة التي تلوثت بها حركة فتح والسلطة الوطنية الفلسطينية من قبل، فالحركة توظف في جهازها البيروقراطي 40 الفاً، لكن المواقع الرئيسية يشغلها الموالون لها وفقاً لمحللين”.
وأشارت الـ”واشنطن بوست” إلى أن منتقدي الحركة يقولون إن نخبتها أثرت من خلال تجارة الأنفاق المربحة ومن الضرائب التي فرضتها الحكومة في غزة على البضائع. وظهرت آثار هذا الثراء على السيارات الثمينة التي تقتنيها الكوادر الحزبية.
واعتبرت الصحيفة أن أزمة الكهرباء التي يعاني منها القطاع منذ الشهر الماضي، والتي بدأت عندما قررت مصر وقف تزويد القطاع بوقود السيارات المدعوم ولمحطة توليد الكهرباء الوحيدة في القطاع، طالت بسبب رفض حماس استيراد الوقود بسعر اكبر عبر المعبر الذي تسيطر عليه اسرائيل. ومع ذلك فإن كميات كبيرة من وقود الديزل تباع في القطاع وبسعر عال وتم تهريبها عبر الانفاق، حيث يباع الغالون بثلاثين دولاراً.
وفي الوقت الذي فشلت فيه حماس بـ ‘أسلمة’ المجتمع ومنع الكحول والمخدرات وتعاطيها على الشاطىء أو إرغام الفتيات على ارتداء الحجاب في المدرسة، فإنها، بحسب الصحيفة ركزت على المعارضة وقمعها.
في هذا السياق، يقول أحمد يوسف، مستشار سابق لرئيس الحكومة الفلسطينية المقالة اسماعيل هنية، “لقد أصبحنا مثل الدولة البوليسية. وصاروا يخافون من أية مسيرة أو تظاهرة”.
أصبحت حماس اليوم أكثر حرصاً على الحفاظ على حالة الهدنة مع اسرائيل خشية استفزاز الأخيرة لعمل عسكري جديد، ولهذا تحاول ضبط ومنع الفصائل من إطلاق الصواريخ على جنوب إسرائيل.
إضافة الى كل ذلك، لا تملك حماس سياسة واضحة في علاقاتها، فقد قطعت العلاقة مع سوريا ونقلت مكاتبها منذ اندلاع الثورة الشعبية ضد الرئيس بشار الأسد، كما برزت الخلافات بين تياري المتشددين والمعتدلين الذين يحاولون فك العزلة عن القطاع.
وترفض الحركة، التي لا تزال تسيطر على القطاع سيطرة كاملة، الاتهامات التي تقول إنها تخلت عن المقاومة حيث نقلت الصحيفة عن طاهر النونو، أحد المتحدثين باسم حماس قوله إن “محاولة ضبط الحركات الأخرى متعلق بمنع إسرائيل تحديد قدرات الحركة العسكرية”.
وقال “أبو خالد” أحد سكان قطاع غزة: “كنا نستقل سيارات الأجرة، والآن نسير على الأقدام. كنا نأكل، واليوم ما عدنا نتناول الطعام. تغير كل شيء، لكن نحو الأسوأ”، مشيراً إلى أن المسؤولية تقع على حماس “لأنها هي التي تحكمنا”.