- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

الجزمة وحاسوب أپل

بسام الطيارة

نقطة على السطر

بسّام الطيارة

ما هي علاقة «الربيع العربي» بـ«ستيف جوبس» أحد مؤسسي شركة أپل العملاقة؟ سؤال افتراضي مضحك. فالمرض هو الذي أجبر جوبس على الانسحاب من قيادة الشركة التي فجرت ثورة في الصناعة الرقمية والاتصالات الحديثة، إن كان بدفعه إلى السوق حواسيب ماكينتوش ذات شعار التفاحة الشهيرة أو بإطلاق الهاتف الجوال إيفون الشهير. إذا لا علاقة بين هذا وذاك.

إلا أن هذا الفرد الذي تحدثت عنه الصحافة العالمية بإسهاب وتوسع بسبب مرضه، يدل إن لزم الأمر، على أن التقدم التقني والاختراعات كانت دائماً وراء كتابة التاريخ وبناء وتفكيك امبرطوريات. فهاك الحديد والبرونز، اللذان استقوت بهما جماعات للتغلب على جماعات أخرى، وهناك الدولاب الذي غير موازين القوى بين البلدان، كما فعل استعمال المحركات البخارية برفع قدرات الامبراطورية الانكليزية لتتجاوز منافسيها وتبسط سلطتها بحيث لا تغيب عنها الشمس. فورد وإيديسون وبيل غيتس والنووي أعطوا أميركا موقع قوة يتجاوز قوتها الاقتصادية، بينما العلوم والتقنيات تعطي دولاً مثل اليابان وألمانيا وفرنسا والسويد، على سبيل المثال، أدواراً تتجاوز قدراتها الاقتصادية والعسكرية والديموغرافية.

أما العرب فما علاقتهم بـ«ستيف جوبس»؟ هو سؤال واقعي ولكنه مبكي ومؤلم. طورت أپل برامج باللغة العربية لحواسيبها وهواتفها وتحتل مركزاً طليعيا اليوم في أسواق العالم العربي، حيث «الاستهلاك المكثف» يبرر استثماراتها لتطعيم برامجها بلغة الضاد. فاستثماراتها لن تذهب هباء منثوراً مثلها مثل كل الصناعات العالمية: فالشعوب العربية «تستهلك بقوة»، تستعمل الحواسيب وفايسبوك وتويتر وأطلقت الربيع العربي عبر هذه «الأدوات الرقمية» التي تجيد استعمالها، ونجحت وأسقطت بواسطتها عدداً من الديكتاتوريات وفي صدد اسقاط ديكتاتوريات أخرى.

ولكن شتان بين الاستعمال وبين تملك التكنولوجيا: ملايين من الشباب تنهل من الاستهلاك الرقمي وتدفع بنسب التعامل والتواصل الرقمي إلى موازاة ما يفعله شباب أميركا وأوروبا، ولكن لا يوجد مصنع أو مختبر واحد في عالمنا العربي يستحق هذا التوصيف. توجد نبوغات فردية ولكن ستيف جوبس وأمثاله سوف «يصطادونها ويسحبوها» إلى مختبراتهم ودولهم حيث «الأمان والضمان الاجتماعي والاحترام»¡ حيث لا شرطة تهين ولا مراقبة على الحريات حيث المرتبات تعكس قيمة ما يقدمه هؤلاء النابغون.

قد يفسر هذا حب «الغرب المتقدم» بالدكتاتوريات والقمع العربي، فهو يسمح له بتغرير القدرات العربية الناشئة وسحبها. صعوبة الحياة في أوطان العرب تؤهب للراغبين بالهجرة بضمير مرتاح. فلا قوة يمكن أن تقيد انسان في «بلده» إذا كانت رقبته تحت جزمة ديكتاتور. حب الأوطان لا يكون تحت الجزمات ولا في ظل التسلط.