كشف علماء ان احد الاسباب التي تكمن وراء عدم تدين البعض هو تفكيرهم التحليلي بدلا من الانسياق وراء حدسهم. وذهب العلماء الى ان التفكير التحليلي يمكن ان يتسبب في اضعاف الايمان الديني، عند المتشككين والمؤمنين ايمانا حقيقيا على السواء.
وتشير الدراسة التي نُشرت في العدد الجديد من مجلة ساينس العلمية الى ان الايمان قد يكون سمة مطواعة في النفس البشرية أكثر مما يظن اصحاب الايمان الراسخ.
وكانت الجذور المعرفية للايمان، وعدم الايمان، موضوع دراسات اكاديمية عميقة، كما أوضح رئيس فريق الباحثين الذين اجروا الدراسة الجديدة ويل جرافيس استاذ علم النفس الاجتماعي في جامعة بريتش كولومبيا الكندية في فانكوفر.
وقال جرافيس ان هناك تقليدا فكريا عريقا يتعامل مع العلم على انه شيء والدين على انه شيء آخر وان الاثنين لا يلتقيان ابدا. ولكن اتجاها ظهر في السنوات الأخيرة لفهم الدين وسبب قدرة النوع البشري على التدين.
وطبقا لنظرية التفكير البشري فان الدماغ يحلل المعلومات مستخدما منظومتين الأولى تعتمد على طرق ذهنية قصيرة باستخدام الاستجابات الحدسية للتوصل بسرعة الى استنتاج أو خلاصة أو قرار. وتمارس المنظومة الثانية التحليل المنطقي الذي يستخدم العقل للتوصل الى استنتاج بعد تفكير متأن.
وكلا المنظومتين مفيدتان ويعملان بالتوازي، كما تذهب النظرية ولكن التفكير التحليلي يتقدم على الحدس لدى استخدامه.
وتشير دراسات الى ان جذر المعتقدات الدينية يكمن في التحليل الحدسي. وتساءل جرافيس عما إذا كان التفكير التحليلي يقوض الايمان الديني لأنه يطغي على الفكر الحدسي.
وبغية التوصل الى جواب عن تساؤله طلب فريقه من طلاب جامعيين ان ينجزوا ثلاث وظائف فكرية لكل منها حل حدسي خاطئ وحل تحليلي صائب، بما في ذلك تقييم أعمال فنية وممارسة لعبات لغوية.
وأظهرت النتائج ان نسبة الحلول الصحيحة كانت أعلى لدى الطلاب الذي استخدموا التفكير التحليلي من اولئك الذي طُلب منهم الاعتماد على الحدس.
هل هذا يعني ان الايمان الديني يمكن ان يُقوَّض بقدر ضئيل من المجهود الفكري الاضافي؟
يقول نيكولاس ايبلي استاذ علم النفس الاجتماعي في جامعة شيكاغو الاميركية ان نتيجة الدراسة لا تعني ذلك حقا ولكنها تبين ان الايمان ليس شيئا محفورا في الصخر لا مجال لتغييره بل يمكن ان يستجيب للسياق الذي يفكر فيه الشخص.
ونقلت صحيفة لوس انجيليس تايمز عن ايبلي الذي لم يشارك في الدراسة ان هناك وهما بأن عقولنا أكثر سكونا مما هي في الواقع. واضاف “لدينا معتقدات وقيم اساسية تبدو دائمة، ثابتة ولكن من السهل اطلاق حركة ذهنية إزاء شيء أساسي”. وقال ايبلي “حتى المتدنيين بعمق سيقولون انهم مروا بلحظات شك”.