- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

ان تكون ظلا لسوريا اليوم

نجاة شرف الدين

منذ بداية الاحداث في سوريا في آذار من العام ٢٠١١، والتي تزامنت مع تشكيل الحكومة اللبنانية برئاسة الرئيس نجيب ميقاتي، انتهجت هذه الحكومة سياسة “النأي بالنفس” عما يجري، معتبرة ان هذه السياسة تحمي لبنان من أي تداعيات يمكن ان تنعكس على الواقع اللبناني، المنقسم أساسا بين فريقين، يشكلان تحالف الثامن من آذار الداعم لتوجهات النظام السوري والمشارك في الحكومة، والرابع عشر من آذار المعارض للنظام ويؤيد ما يسميها الثورة في سوريا وغير المشارك في الحكومة.

هذا الواقع الداخلي اللبناني فرض على اللبنانيين نمطاً من التعاطي مع التطورات في سوريا. ورغم الموقف الرسمي للحكومة في ما يسمى “النأي بالنفس”، كل بحسب رؤيته وتحالفاته، بدا فريق الثامن من آذار، وخصوصاً في وسائل إعلامه، المدافع عن النظام السوري والمبرر لكل أفعاله، ظالماً كان أم مظلوماً، إضافة الى إطلاق سياسييه لمواقف داعمة لوجهة نظر النظام السوري، حتى في استخدام المصطلحات نفسها، ومنها وصف المواجهات بأنها مع الإرهابيين .

في المقابل ، بدا فريق الرابع عشر من آذار، وأيضاً في وسائل إعلامه، المدافع عن المعارضة السورية، وأطلق سياسيوه حملة على النظام ووصفوه “بالمجرم”، مطالبين بمحاكمة الرئيس السوري بشار الاسد امام المحاكم الدولية، وأقاموا مهرجانات وتظاهرات مؤيدة للثورة في سوريا، هاجموا من خلالها الحكومة وسياستها في مواجهة ما يتعرض له الشعب السوري .

في هذا الوقت، كانت الحكومة اللبنانية، الممارسة لسياسة “النأي بالنفس”، تنزلق شيئاً فشيئاً باتجاه حكومة تصريف الاعمال، نتيجة عزف لبنان على الإيقاع السوري، وتجميد مختلف المشاريع الحياتية المتصلة باللبنانيين جميعاً،  نتيجة الخلافات الداخلية، إن داخل أم خارج الحكومة،  المبنية أصلاً على الخلاف في الموضوع السوري، ونتيجة رهانات كل فريق، إن على سقوط النظام، وهو فريق ١٤ آذار، الذي يعتبر ان ذلك سيكون له تداعيات على واقع الحكومة والقوى التي تمثلها، وبالتالي سيكون فريق الحكومة هو الخاسر، كما سيتغير الواقع السياسي نتيجة خسارة الثامن من آذار دعمها الاساسي، وهو سوريا.

اما فريق الثامن من آذار، فهو المراهن على بقاء النظام واستعادته لقوته وإمساكه على الارض في سوريا، وبالتالي يعتبر أن ذلك سيكسبه في الداخل اللبناني الأكثرية، وسيجعل الفريق المنافس، أي ١٤ آذار، خاسراً في رهاناته، ما سيعطيه دعماً مضاعفاً للاحتفاظ بحكومة من فريق واحد، يعززها في انتخابات يمكن ان تعطيه الأكثرية الفعلية .

نتيجة هذا الواقع الذي يعكس الانقسام السياسي العمودي في البلاد، يعيش لبنان في ظل سوريا، يتنفس من رئتيها، ويتأثر بأحداثها، من خلال حدوده المشتركة وما تشهده من اختراقات أمنية يومية، والنازحين الذين تجاوزوا الثلاثين ألفا، والخطر الامني المتزايد نتيجة الاحتكاكات اليومية والخوف من امتداد الصراع الى خارج الحدود والاتهامات بإدخال السلاح عبر الحدود اللبنانية وضبط باخرة السلاح الذي كان من المفترض نقله الى سوريا في مرفأ سلعاتا من قبل الجيش اللبناني، إضافة الى التصاريح اليومية في الاعلام اللبناني للمسؤولين، المؤيدين والمعارضين، من دون أدنى تأثير لسياسة النأي بالنفس الحكومية، التي يبدو أن  لا الفريق المشارك ولا غير المشارك في الحكومة ينتهجها، ما عدا رئيسها، الذي وحده من يطلقها ويمارسها من دون تأثير على الارض في ظل الواقع القائم. فهل يستطيع لبنان، الاستمرار في هذه السياسة بعد كل التطورات التي حصلت وتحصل؟ وكيف يمكن حماية لبنان مع انقسام اللبنانيين؟ وهل بالإمكان تجاوز كون لبنان ظلاً لسوريا؟