مع المزيد من التفجيرات والمزيد من الوفيات، وتنامي الشعور بعدم الارتياح، يشعر سكان جنوب السودان أن النفط الذي تملكه هذه الأمة، تحول من ربح إلى مصيبة كبيرة، فلو لم يملكوا النفط لما تعرضوا للهجوم.
في هذا السياق، أشارت صحيفة الـ”واشنطن بوست” إلى أن عشرات الآلاف من السودانيين الجنوبيين يشعرون بالحصار على خلفية الصراع على النفط والاراضي بين دولتهم المستقلة حديثاً وجارتهم الشمالية. وعلى مدى الأسابيع الثلاثة الماضية، قصفت طائرات سودانية مدينة بانتيو، مما أسفر عن مقتل 15 مدنياً وإصابة عشرات، وفقاً للأمم المتحدة.
من أنغولا إلى تشاد، ونيجيريا إلى غينيا الاستوائية، يعتبر النفط وغيره من الموارد الطبيعية لعنة أكثر من نعمة، بعدما أدى إلى توليد الصراعات والفساد في حين أن الملايين من الأفارقة يعانون من الفقر.
لكن الكثير من السكان في جنوب السودان اعتبروا أن عائدات النفط ستمنع حدوث صراع، لأن جنوب السودان يعتمد على خطوط الأنابيب في السودان والموانئ لتصدير نفطها الخام.
لكن مع كل اعتداء، وفي الوقت الذي تحشد فيه الدولتان قواتها بشأن حدودهما المتنازع عليها على بعد 50 ميلاً الى الشمال، يقترب البلدان نحو حرب شاملة قد تؤدي إلى زعزعة الاستقرار في منطقة تحتوي على واحد من أهم احتياطات النفط في افريقيا.
وتنقل الصحيفة عن محمد عبد الرحمن كيلي (56 عاما) من سريره في المستشفى، وجسده مغطى بحروق إن “النفط لعنة، فقد هاجمت الطائرات السودانية متجري في سوق مزدحمة على مشارف المدينة، فقتل طفل في التاسعة من عمره، وشخص آخر، ودمر محلي بالكامل”. وارتفع منسوب التوتر منذ استقلال جنوب السودان في يوليو/ تموز، يغذيه الصراع العرقي، والحدود المتنازع عليها، والنفط.
تأثير الصراع بين السودانين واضح في منطقة بانتيو، حيث يقبع أكثر من 160 مواطناً في جنوب السودان في أكواخ مع ممتلكاتهم الضئيلة. وكان معظم هؤلاء قد فروا من الحرب الأهلية لأكثر من عقد من الزمان. واعتبر هؤلاء بمثابة مواطنين من درجة ثانية في العاصمة السودانية الخرطوم، وتعرضوا للضرب من قبل الشرطة، لأنهم كانوا من الجنوب.
قبل شهرين، عاد هؤلاء إلى مناطقهم كجزء من برنامج حكومة جنوب السودان لإعادة الجنوبيين إلى بلدهم الجديد، حيث يأملون بحياة سلمية. لكن بدلاً من ذلك، وجدوا أنفسهم في بؤرة للتفجيرات، فالبلدة تقع بالقرب من الجسر الرئيسي الذي استهدف ثلاث مرات في الاسابيع الثلاثة الماضية بسبب مزاعم تقول بأن جيش جنوب السودان يستخدمه لنقل الجنود والأسلحة والمواد الغذائية إلى الخطوط الأمامية.
وقبل ان تحدث التوترات بين البلدين، لم يحصل سكان بانتيو على فائدة تذكر من النفط، فالطرقات غير معبدة، والقمامة منتشرة في كل مكان، الكهرباء نادرة ومخصصة فقط للذين يملكون المولدات الخاصة.
وقال مسؤولون في الامم المتحدة إن التفجيرات أجبرت العديد من السكان على الفرار والعودة إلى قراهم، كما أغلقت معظم المجال في الأسواق.
ويقول قادة جيش جنوب السودان إن عدداً من الميليشيات المدعومة من السودان تنشأ في المدينة وتقاتل في المناطق الواقعة على طول الحدود المتنازع عليها. وإذا سقطت بانتيو، سيكون السودان قاب قوسين أو أدنى من السيطرة على بعض حقول النفط المربحة في جنوب السودان.