- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

ملف كراتشي لا يزال يتفاعل

باريس ــ «أخبار بووم»
من سوء حظ بالادور أن ملف عمولات صفقة الغواصات الباكسانية منذ إعادة فتح تحقيق في تفجير كراتشي، الذي ذهب ضحيته ١١ موظفاً من إدارة البناء البحري الفرنسي «دي سي ان»، لايزاليتفتقعلىمعلوماتتصبكلهافياتجاهميزانيةحملتهالنيابية. إذ أن تحقيقاً بات يربط التفجير بقرار الرئيس جاك شيراك وقف دفع العمولات المتفق عليها سابقاً لمسؤولين باكستانيين، لأنها ساهمت في تمويل هذه الحملة التي كان يترأسها ساركوزي بالتزامن مع شغله منصب وزير الموازنة.
وكانت صحيفة «ليبراسيون» الفرنسية قد كشفت في بداية إعادة فتح الملف تفاصيل جديدة مستقاة من تقارير شرطة لوكسمبورغ المالية، بناءً على طلب القاضيين الفرنسيين فرنسواز ديسي وجان كريستوف هولان، أفادت بأن العمولات كانت حتى عام ٢٠٠٠ تمر في حسابات شركة «هينان»، وهي فرع من شركة «دي سي إن» المتخصصة بتصيع الغواصات. وأبرزت التحقيقات أن هذه الشركة في الجنة الضرائبية اللوكسمبورغية قد أسست بموافقة خاصة من وزير الموازنة آنذاك: نيكولا ساركوزي.
وحسب هذا التقرير فإن «قسماً من هذه العمولات عاد إلى فرنسا لتمويل حملة سياسية فرنسية» ومعها برزت تفسيرات لتشديد حكومة بالادور وفرض وسيطين بين الـ«دي سي ان» والجهات الباكستانية المعنية، هما رجلا الأعمال اللبنانيان المليونير تاجر الأسلحة زياد تقي الدين إلى جانب عميل الأسلحة عبد الرحمن الأسير، وتم هذا كله تم تحت إشراف ساركوزي. وكانت الشرطة قد وقعت على «رسائل» من شركة «هينان» وصلت إلى كبار المسؤولين: الأولى وجّهت إلى جاك شيراك في ٢٦ نيسان ٢٠٠٦ موقّعة من أحد مديري الشركة يعلمه بأن «دفع العمولات قد توقف وأن المستفيدين من هذه العمولات هم شخصيات مهمة، وأنه يمكن أن تترتّب على الشركة الفرنسية مسؤوليات مالية وقضائية في حال التمنع عن الدفع». الرسالة الثانية أرسلت إلى نيكولا ساركوزي في ٢٩ تشرين الثاني عام ٢٠٠٦، موقعة من المدير العام للشركة جان ماري بوافان يشكر فيها ساركوزي على «رسالته الموقعة في ٢٨ أيلول»، إلا أنه يشير إلى «أنها بقيت من دون أي متابعة» أيمندوندفع. ويستطرد بأن «الدولة الفرنسية لم تعط أي أوامر دفع رغم ضرورة التصرف بسرعة». تأخذ هذه الرسالة أهمية كبرى، إذ إنها تبرهن على أن «ساركوزي كان على علم بمسألة العمولات»، وهو ما نفاه دائماً. كما يتساءل البعض عن مضمون رسالته المؤرخة في أيلول والتي يشار إليها صراحة.
وهناك رسالة شفهية حصلت بعد وصول ساركوزي إلى الإليزيه، نقلها بوافان بنفسه أثناء لقاء مع الأمين العام المساعد في قصر الرئاسة فرانسوا بيرول، وهي أتت مواربة بقوله إنه «زار سنغافورة لفحص دفاتر الشركة التي أسسها هناك»، في إشارة إلى شركة «هينان».
والمعروف أن كل الوثائق التي كشفت عنها شرطة لوكسمبورغ تم اكتشافها في خزنة بوافان في أحد المصارف. ويقول البعض إنه أودعها هناك كوسيلة «حماية لنفسه» في حال حصول مكروه له. وقد نفى بالادور وساركوزي مرات عديدة «أي تمويل غير قانوني». ووصفا التسريبات بأنها «أساطير»، إلا أن التسريباتالأخيرةتفيد بأنه تمّ الاتفاق على دفع عمولة، نحو ٥١ مليون يورو للمسؤولين الباكستانيين، وبينهم الرئيس الحالي آصف علي زرداري، وأن توقف الدفع حصل «قبل أشهر قليلة من تفجير كراتشي في ٨ أيار ٢٠٠٢»، ما يرجّح أن يكون التفجير انتقامياً، وهي الفرضية التي عمل عليها القاضي الفرنسي مارك تريفيديك الذي تسلّم دعوى رفعها أهالي الضحايا الفرنسيين ضد «من يظهره التحقيق».
وقد سبق أن أشار أكثر من متابع إلى أن ما يتهدد ساركوزي هو فضيحة كراتشي أكثر من أي فضيحة أخرى، إذ إنّ ضحاياها كانوا «نخبة من مهندسي السلاح الفرنسي» المتخرجين من أهم كليات فرنسا، وهم ينتمون إلى «روابط جد متماسكة ومؤثرة» لها تأثيرها في الدوائر السياسية تؤدي دور لوبي لن يتغاضى عن كشف ما وراء التفجير الإرهابي.
محامي العائلات أوليفييه موريس لم يعد يتردد من اتهام قاطن الإليزيه مباشرة. وقال «إن هذا التقرير يكشف بأن ساركوزي كان في وسط حلقة الفساد وأنه يكذب على العائلات»، وأن ما يصدر من هنا وهناك «ليس أسطورة، بل كذب الدولة». وأنهى بقوله إن العائلات «تطالب باستقالة ساركوزي».