- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

“33 يوم”: إخراج ضخم لنص ضعيف

معمر عطوي
للوهلة الأولى، يظن المرء حين يشاهد ملصقات فيلم «33 يوم» على جدران صالات السينما في بيروت أو من خلال الدعايات المُتلفزة عن هذا الشريط الروائي الجديد، أن عملاً ضخماً قد نزل الى شاشة الفن السابع يتناول حرب الـ33 يوماً، والتي حصلت عام 2006 بين إسرائيل والمقاومة اللبنانية.
وبدافع الفضول أو الحماس الوطني، يتصور المشاهد أنه داخل الى الصالة ليشاهد شريطاً روائياً وتوثيقياً في آن عن تلك الحرب التي فشلت إسرائيل خلالها في تحقيق أهدافها بفضل صمود المقاومين واحتضانهم شعبياً. بيد أن المفاجأة تظهر حين يبدو ضعف النص لحساب ضخامة الإخراج وكثافة الإمكانيات ولعبة التشويق التي يتمتع بها الشريط.
فعلى ما يبدو، إن عنوان الفيلم كان فضفاضاً بحيث لم يترك للمشاهد فرصة توقع نص يتناول قصة قصيرة ذات طابع إنساني، ويختص بحادثة شهدتها بلدة جنوبية هي عيتا الشعب، فيما يوحي العنوان بضخامة العرض وكثافة الحكايات التي عاشها جزء من لبنان خلال هذه الحرب المفصلية التي كلّفت الطرفين خسائر فادحة في الأرواح والممتلكات والبنى التحتية.
لا شك أن القصة جميلة وربما كانت مناسبة جداً لو كان العنوان على سبيل المثال، «طفل المغارة»، متناولاً قصة زوجة المناضل «محمد سرور» الذي تلاحقه قوات الاحتلال بالتنصت والتجسس الجوي بهدف قتله في حين تتعرض زوجته للإصابة في منزلها الذي قصفته مدفعية اسرائيل، فتلجأ المرأة بحملها الى المغارة التي أعدها المقاومون في حرش الصنوبر وتضع مولودها هناك، في وقت تكون فيه أشلاء زوجها قد تناثرت بعدما فجّر نفسه برتل من عناصر العدو.
وقد يكون عنوان آخر من قبيل «عرس عيتا الشعب»، العرس الذي تم تأجيله 3 مرات بسبب الاعتداءات الاسرائيلية على البلدة، مناسباً لشريط محدود كهذا وقصة قصيرة جنّد لها المنتجون والمخرج الإيراني جمال شورجيه، معدات حربية وعناصر ومؤثرات وصوراً حقيقية من حرب تموز تمت إعادة إنتاجها لتناسب القصة التي تتعلق بكيفية صمود مقاومين قلة للدفاع عن عيتا الشعب.
كما كان استخدام الممثلين، الذين جسّدوا أدوار جنود وضباط العدو، اللغة العبرية مع ترجمة مكتوبة بالعربية، نقطة قوة للعمل.
أما الممثلون فقد برعوا في تأدية أدوارهم من بيار داغر الذي مثل دور ضابط اسرائيلي (وهو نجح مراراً بدور مماثل في مسلسل «الغالبون»)، الى  باسم مغنية و يوسف الخال وكارمن لبّس وغيرهم، فيما تألقت الممثلة السورية كنده علوش في دور زوجة المقاوم التي ولدت طفلها واستشهدت، اما دارين حمزة التي مثلت دور جندية اسرائيلية تتعاطف مع المقاومين وتنتقد تصرفات الاسرائيليين، فأضفت بدورها هذا نقطة مضيئة أخرى الى سجلها التمثيلي الرائع الى دورها في مسلسل «الغالبون» أيضاً.
يمكن القول إن شريط «33 يوم» الذي انتجته مؤسسة «فارابي» السينمائية الإيرانية بالتعاون مع جهات لبنانية رسمية وخاصة، قد عبّر عن مشهدية إنسانية معينة شهدتها إحدى بلدات الجنوب اللبناني خلال حرب صيف العام 2006، لكن هذه الأحداث، ورغم أنها حقيقية و موثقة، الا ان العنوان أتى أكبر من المضمون والنص أضعف من الإخراج. والإمكانات التي اتيحت لهكذا عمل كان يمكن ان تساهم في صناعة سينما حقيقية تجسّد ملحمة هذه الحرب التي تستحق الكثير من الأعمال الفنية لترسيخها في الذاكرة.
يبقى نقطة مهمة تتعلق بمنع عرض الفيلم في منطقة الأشرفية، الأمر الذي يؤكد حقيقة الانقسام بين اللبنانيين وكذب مقولة الشعب الحاضن لخيار المقاومة. لكن من ناحية ثانية ينبغي الإشارة الى أن منع الأعمال الفنيّة أصبح سمة القوى الطائفية بامتياز على اختلافها، فمنع فيلم «33 يوم» في صالات ABC في الأشرفية لا يقل خطورة على الحريات العامة من منع عرض فيلم «أيام خضراء» الإيراني الذي ينتقد النظام الاسلامي إبان مواجهات العام 2009 على خلفية اتهام الرئيس الحالي محمود أحمدي نجاد بالتزوير في الانتخابات الرئاسية. وهذا المنع الذي أتى بذريعة عدم الاساءة الى العلاقات مع دولة صديقة، هو امتداد لمنع آخر من جهة مقابلة، لمسلسل «مريم المقدّسة» الإيراني الذي وقفت الكنيسة في لبنان ضد عرضه في قنوات التلفزة المحلية. فلغة المنع والحظر أصبحت سمة اللبنانيين جميعاً، رغم ما تشهده المنطقة من تغيرات على صعيدي الحريات العامة والديموقراطيات الشعبية. أما «33 يوم» فهو العنوان الذي يبقى افتراضياً لشريط يوثق حقيقة هذه الحرب وتفاصيلها ببعديها النضالي والإنساني معاً.