باريس – بسّام الطيارة
يتوجه الناخبون الفرنسيون اليوم الأحد لصناديق الاقتراع للادلاء بأصواتهم في الدورة الثانية الحاسمة في انتخابات الرئاسة. الاستطلاعات التي «أقفلت رسمياً» قبل ٢٤ ساعة يوم الجمعة في منتصف الليل تشير إلى هزيمة للرئيس المنتهية ولايته نيكولا ساركوزي ما يمكن أن تتوج فرانسوا هولاند كرئيس اشتراكي لفرنسا بعد فرنوسا ميتران قبل ١٧ عاماً .
بالطبع لا يمكن حسم نتيجة الانتخابات قبل إقفال صناديق الاقتراع الساعة الثامنة مساء. ولكن في حال صحت استطلاعات الرأي التي تتفق على أن هولاند هو الرابح، فإن هذا سوف يكون له انعكاسات كبيرة على الساحة السياسية الفرنسية وعلى المسار الاقتصادي لأوربا.
في الداخل يمكن أن ساركوزي قد يفشل في العودة إلى قصر الإليزيه ولكنه «نجح» في كسر اليمين الفرنسي الوسطي الديغولي وقدمه لقمة سائغة إلى اليمين المتطرف. قد يقول البعض إن هذا التكتيك هو بهدف كسب أصوات ناخبي مارين لوبن زعيمة الجبهة الوطنية، وكأن سياسة ساركوزي تعود إلى أمس أو قبل أمس، في الواقع يتناسى البعض إن إيدولوجية نيكولا ساركوزي هي منذ قبل وصوله إلى الإليزيه إيدولوجية محافظين جدد ويمين متطرف، وهكذا استقبل وصوله إلى الحكم عام ٢٠٠٧.
لذا في في حال صحت الاستطلاعات وفاز هولاند فإن تصفية الحسابات داخل الحزب الحاكم «تجمع الأكثرية الشعبية» سوف تبدأ مع إعلان النتيجة في تمام الساعة الثامنة. لن ينتظر الديغوليون والشيراكيون أن تنهب مارين لوبن الحزب سوف يقلبون صفحة الساركوزية ويستعدون لاسترداد من ابتعد عنهم، خصوصاً الوسط، بسبب طروحات متطرفة بعيدة جداً عن مبادئ الديغولية.
أما من الناحية الاقتصادية فسوف تتوجه الأنظار الى الانتخابات التشريعية لمجلس النواب الفرنسي.
سوف يكون هم حزب تجمع الأكثرية الشعبية الذي أسسه شيراك امتداداً للحزب الديغولي السابق محاولة إعادة بناء تحالفات مع كتلتي الوسط، للحد من خسائره ولكسر ما يسمى هنا بـ «ديناميكية الرئاسة» أي أكثرية برلمانية تتلتحق بالرئيس الاشتراكي، علما ًأن الاشتراكيين يسيطون على ٢٢ مجلس مناطقي من أصل ٢٤ وهو ما يمكن أن يلون فرنسا بلون زهري اشتراكي.
ولكن ما هو أكيد أن هزيمة ساركوزي في حال حصولها سوف «تشرذم» الحزب وسوف يذهب عدد من الذين ينظرون إلى أقصى اليمين نحو تحالفات مع مارين لوبن التي سوف تكون الرابحة الكبرى في الانتخابات النيابية.
أما على صعيد الاقتصاد الأوروبي فقد استفاد هولاند على الصعيد الاقتصادي من موجة غضب بسبب عجز ساركوزي عن كبح جماح البطالة المتفشية خلال خمسة أعوام له في الرئاسة.
تحاكي الانتخابات الفرنسية الانتخابات برلمانية في اليونان وتسهم بشكل أساسي بتحديد اتجاه السياسة المالية الأوروبية مع تعهد هولاند بأنه سيحاول تهدئة مساعي التقشف التي كانت تقودها المانيا في انحاء اوروبا وإعادة توجيه منطقة اليورو التي يضربها الركود نحو النمو.
لذا سوف تتوجه الأنظار أيضاً إلى البورصات الأوروبية: فإما أن تقتنع الأوساط المالية بسياسة هولاند في حال فوزه لقيادة نمو أوروبي مبني على توازن اجتماعي جديد كما بدأت ألمانيا توافقه وتؤيده فيه دول أوروبا المتعثرة أو ينعكس فوزه تراجعاً في الأسواق المالية المهتزة أصلاً . أما في حال فوز ساركوزي فقد أدخلت طروحات هولاند ومواقف ألمانيا الموائمة له شكوكاً في برنامج ساركوزي الليبرالي ما يمكن أن ينعكس أيضاً هزه في الأوساط المالية.
(تفتح مراكز الاقتراع ابوابها في الساعة الثامنة صباحا (السادسة بتوقيت غرينتش) وتغلق في الساعة السادسة مساء (الرابعة بتوقيت غرينتش) او بعدها بساعتين في المدن الكبرى.